وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم فِي "الكُنَى": عَبْد اللَّه بْن الدَّيْلَميّ أَبُو بسر، وقال الْبُخَارِيّ ومسلم فِيهِ أَبُو بِشْر، بشين مُعْجَمَةٍ.
قَالَ الحاكم: وكلاهما أخطأ، في علمي إنما هو أبو بسر، وخليق أنْ يكون محمد بْن إِسْمَاعِيل مَعَ جلَالته ومعرفته بالحديث اشتبه عليه، فلما نقاه مسلم من كتابه تابَعَه عَلِيّ زَلّته. ومن تأمّل كتاب مسلم فِي الأسماء والكنى علم أَنّه منقول من كتاب محمد بْن إِسْمَاعِيل حَذْو القذّة بالقذّة، حتى لَا يزيد عَلَيْهِ فِيهِ إلَا ما يَسْهُل عنده. وتجلّد فِي نقْله حق الجلَادة، إذ لم ينسبه إلى قائله.
وكتاب محمد بْن إِسْمَاعِيل فِي التاريخ كتابٌ لم يُسْبَق إِلَيْهِ. منهم من نَسَبَه إلى نفسه مثل أَبِي زُرْعَة، وأبي حاتم، ومُسلْمِ. ومنهُمُ من حكاه عَنْهُ. فالله يرحمه، فإنّه الّذي أصّل الأصُول.
وذكر الحَكَم أَبُو أَحْمَد كلَامًا سوى هذا.
فصل فِي ديانته وصلَاحه:
قَالَ مسّبح بْن سعَيِد: كَانَ الْبُخَارِيّ يختم فِي رمضان كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة.
وقال أبو بَكْر بْن منير: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ يَقُولُ: أرجو أن ألقى اللَّه ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا1.
قلت: يشهد لهذه المقالة كلَامَه، رحِمَه اللَّه، فِي التّجريح والتَّضعيف، فإنه أبلغ منّا. يَقُولُ فِي الرجل المتروك أو السّاقط: "فِيهِ نَظَر" أو. "سكتوا عَنْهُ"، ولا يكاد يَقُولُ: "فُلَان كذاب"، ولا "فُلَان يضع الحديث". وهذا مِن شدّة ورَعِه.
وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: ما أغتبتُ أحدًا قطّ منذ علِمت أنّ الغيبة تضّر أهلَها.
قال: وكان أبو عبد الله يصلّي فِي وقت السَّحَر ثلَاث عشرة ركعة، وكان لَا يوقظني فِي كل ما يقوم، فقلت: أراك تحمل عَلَى نفسك فلو توقظني.