وقال الفِرَبْريّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما استصغرتُ نفسي عِنْدَ أحدٍ إلَا عند عَلِيّ بْن المديني، ورُبما كنت أغْرب عَلَيْهِ.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: " ما نمت البارحة حتّى عددت" كم أدخلتُ فِي مصنفاتي مِنَ الحديث، فإذا نحو مائتي ألف حديث مُسْنَدة.
وسمعته يَقُولُ: ما كتبتُ حكايةً قط كنت أتحفّظها. وسمعته يَقُولُ: لَا أعلم شيئًا يُحتاج إِلَيْهِ إلَا وهو فِي الكتاب والسنة.
فقلت لَهُ: يمكن معرفة ذَلِكَ كلّه؟ قَالَ: نعم.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الْفِرْيَابِيِّ فَقَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَنَسٍ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ واحد"1.
فلم يعرف أحد في المجالس أَبَا عُرْوَة، ولا أَبَا الْخَطَّاب.
قَالَ: أمّا أَبُو عُرْوَة فمَعْمَر، وأبو الخطّاب قَتَادة.
قَالَ: وكان الثَّوْريّ فَعُولا، لهذا يُكنيّ المشهورين.
قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: قدِم رجاء الحافظ فقال لأبي عَبْد الله: ما أعددتَ لقُدوميّ حيث بلغك، وفي أيّ شيء نظرت؟ قَالَ: ما أحدثتُ نظرًا ولم أستعدّ لذلك، فإنّ أحببت أن تسألني عَنْ شيء فافعل.
فجعل يناظره فِي أشياء فبقي رجاء لَا يدري، ثمّ قَالَ لَهُ أبو عبد الله: هَلْ لك فِي الزّيادة؟
فقال استحياءً وخَجَلَا منه: نعم.
قَالَ: سَلْ إنْ شئت.
فأخذ فِي أسامي أيّوب، فعدّ نحوًا من ثلاثة عشر، وأبو عبد الله ساكت، فظنّ رجاء أنْ قد صنع شيئًا فقال: يا أَبَا عَبْد اللَّه فاتك خير كثير.
فزيف عبد الله في أولئك سبع، وأغرب عَلَيْهِ نحو أكثر من ستين رجلَا.