وحَلَفَ لَهُ: لَا نالك سوء. ثمّ حَلَّفوه أن لَا يمالئ صالح بْن وصيف، فحلَف لهم. فبايعوه حينئذ.
ثمّ طلبوا صالحًا لكي يناظروه عَلَى أفعاله، فاختفى. ورُد المهتدي بالله إلى داره.
ثمّ قُتِل صالح بْن وصيف بعد شهرٍ شرَّ قتْلة.
"كتاب وصيف بْن صالح":
وفي أواخر المحرم من سنة ستٍّ وخمسين أظهر كتابٌ ذكر أن سِيما الشَّرابيّ زعم أنّ امرأةً جاءت بِهِ، وفيه نصيحة لأمير المؤمنين، وإنْ طلبتموني فأنا فِي مكان كذا. فلمّا وقف عَلَيْهِ المهتدي طلبها فِي المكان فلم يوجد لها أثر. فدعا مُوسَى بن بغا، وسليمان بن وهب، وفلحًا، وبايكباك، وناحور، ودفَع الكتاب إلى سُلَيْمَان فقال: أتعرف هذا الخط؟ قَالَ: نعم خطّ صالح بْن وصيف.
ثمّ قرأه عَلَيْهِم، وفيه يذكر أنّه مُسْتَخْفٍ بسامراء، وإنّما استتر خوفًا مِنَ الفِتَن. وأنّ الأموال كلها عَنْد الْحَسَن بْن مَخْلَد.
وكان كتابه يدلّ عَلَى قوة نفسه. فندب المهتدي إلى الصّلح، فاتهمه مُوسَى وذويه بأنّه يدري أين صالح. فكان بينهم فِي هذا كلَام. ثمّ مِنَ الغد تكلموا فِي خلْعه، فقال: بايكباك: ويْحَكُم، قتلتم ابن المتوكلّ وتريدون قتل هذا وهو مسلم ويصوم ويصلي ولا يشرب؟ والله لئِنْ فعلتم لأصيرنّ إلى خُراسان ولأشيعنّ أمركم هناك.
"كلَام المهتدي":
ثمّ خرج الَمهتدي إلى مجلسه وعليه ثياب بيض، مقلَّدًا سيفًا، ثمّ أمر بإدخالهم إِلَيْهِ، فقال: قد بلغني شأنكُم، ولست كمن تقدَّمني مثل المستعين والمعتز. والله ما خرجت إليكم إلَا وأنا متحنّط وقد أوصيت، وهذا سيفي، والله لأضربن بِهِ ما استمسكْتُ قائمته بيدي. أما دِين! أما حَيَاء! إمَا رِعة! كم يكون الخلَاف عَلَى الخلفاء والْجُرأة عَلَى اللَّه؟! ثمّ قَالَ: ما أعلم عِلم صالح.
قَالُوا: فاحِلفْ لنا.
قَالَ: إذا كَانَ يوم الجمعة، وصلَّيت الجمعة، حلفتٌ لكم. فرضوا وانفصلوا عَلَى هذا.