وفي لفظٍ عن ابن أبي حاتم: عشرة آلاف1.
وهي حكاية مُنْكَرَة لا أعلم رواها أحد إلا هذا الوَرْكانيّ، ولا عَنْهُ إلا محمد بْن الْعَبَّاس، تفرّد بها ابن أبي حاتم، والعقل يحيل أن يقع مثل هذا الحادث فِي بغداد ولا يرويه جماعة تتوفّر هِمَمُهُم، ودَوَاعيهم على نقل ما هُوَ دون ذلك بكثير. وكيف يقع مثل هذا الأمر الكبير ولا يذكره المَرُّوذيّ، ولا صالح بْن أحمد، ولا عبد الله بْن أحمد بْن حنبل الّذين حكوا من أخبار أبي عبد الله جُزَيْئات كثيرة لا حاجة إلى ذكرها. فوالله لو أسلم يوم موته عشرة أَنَفسٍ لكان عظيمًا، ولكان ينبغي أن يرويه نحو من عشرة أنفس.
وقد تركت كثيرًا من الحكايات، إمّا لضَعْفها، وإمّا لعدم الحاجة إليها، وإما لطولها.
ثُمَّ انكشف لي كذب الحكاية بأنّ أَبَا زُرعة قال: كان الوَرْكانيّ، يعني محمد بْن جَعْفَر، جار أحمد بْن حنبل وكان يرضاه2.
وقال ابنُ سعد، وعبد اللَّه بْن أحمد، وموسى بْن هارون، مات الوَرْكانيّ فِي رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. فظهر لك بهذا أنّه مات قبل أحمد بدهرٍ، وكيف يحكى يوم جنازة أحمد، رحمه اللَّه؟ قال صالح بْن أحمد: جاء كتاب المتوكّل بعد أيّام من موت أَبِي إلى ابن طاهر يأمره بتعزيتنا، ويأمر بحمل الكُتُب. فحملتها وقلتُ: إنّها لنا سماع، فتكون فِي أيدينا وتُنَسَخ عندنا.
فقال: أقول لأمير المؤمنين.
فلم نزل ندافع الأمير، ولم تخرج عن أيدينا، والحمد لله.
وقد جمع مناقب أبي عبد الله غير واحد، منهم أبو بَكْر البَيْهقيّ فِي مجلّد، ومنهم أبو إسماعيل الْأَنْصَارِيّ فِي مُجَيْلد، ومنهم أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ فِي مجلد، والله تعالى يرضى عنه ويرحمه.