فأخرج إليه أبو عبد الله أربعة أَرْغِفة مشطورة بكامِخ وقال: لو كان عندنا شيء لَوَاسيناك.

قال الخلال: وأنا المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: ما أكثر الدّاعي لك.

قال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا بأيّ شيء هذا.

وقلت لأبي عبد الله: إنّ رجلا قدم من طَرَسُوس وقال لي: إنّا كنّا في بلاد الروم في الغزو، وإذا هدأ اللَّيْلُ ورفعوا أصواتهم بالدّعاء: ادعوا لأبي عبد الله، وكنّا نمدّ المنجنيق ونرمي عنه. ولقد رُمي عنه الحجر والعِلْج1 على الخصن مُتَتَرس بدَرَقَة، فذهبَ برأسه وبالدَّرَقَة. فَتَغَّير وجهه وقال: ليته لا يكون استدراجًا.

فقلتُ: كلا.

قال الخلال: وأخبرني أحمد بن حسين قال: سمعتُ رجلا من خُراسان يقول: عندنا أحمد بن حنبل، يرون أنّه لا يُشبه البَشَر، يظنّون أنّه من الملائكة.

وقال لي رجل: نظرةٌ عندنا من أحمد تَعْدِل عبادةَ سنة.

قال الخلال: وقال المَرُّوذيّ: رأيتُ بعض النّصارى الأطّباء قد خرج من عند أبي عبد الله ومعه راهب، فسمعت الطّبيب يقول: إنّه سألني أن يجيء معي حتى ينظر إلى أبي عبد الله.

وقال المَرُّوذيّ: وأدخلت نصرانيًا على أبي عبد الله يعالجه فقال: يا أبا عبد الله إنّي لأشتهي أن أراك منذ ستّين سنة. ما بقاؤك صلاحُ الإسلام وحدهم، بل للخلْق جميعًا، وليس من أصحابنا أحد إلا وقد رضي بك.

قال المَرُّوذيّ: فقلت لأبي عبد الله: إنّي لأرجو أن يكون يُدعى لك في جميع الأمصار.

فقال: يا أبا بكر، إذا عرف الرجلُ نفسه فما ينفعه كلام النّاس.

وقال عبد الله بن أحمد: خرج أبي إلى طرسوس ساشيا، وحجّ حَجَّتين أو ثلاثًا ماشيًا، وكان أصبر الناس على الوحدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015