ليلةً بعضادتي الباب ثمّ قال: يا أبا عبد الله، أريد أن ألقي عليك حديث سُفْيان.

قال: هات.

قال: تحفظ عن سُفْيان، عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل كذا؟ قال: نعم. ثنا يحيى.

فيقول: سَلَمَةُ كذا وكذا، فيقول: ثنا عبد الرحمن. فيقول: وعن سَلَمَةَ كذا كذا. فيقول: أنت حدَّثتنا. حتّى يفرغ من سَلَمَةَ، فيقول أحمد: فتحفظ عن سَلَمَةَ كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا. ثمّ يأخذ في حديث شيخ، شيخ.

فلم يزل قائمًا حتّى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب. أو قالت الزُّهْرة. وقال عبد الله: قال لي أبي: خُذْ أيَّ كتاب شئت من كُتُب وَكِيع. فإنْ شئت أن تسألني عن الكلام حتّى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد، حتّى أخبرك عن الكلام.

وقال الخلال: سمعتُ أبا القاسم بن الخُتَّليّ -وكفاك به- يقول: أكثر النّاس يظنّون أنّ أحمد إذا سُئِل كان عِلْم الدُّنيا بين عينيه.

وقال إبراهيم الحربيّ: رأيت أحمد كأنّ الله جمع له عِلْم الأوّلين والآخرين.

وعن أحمد بن سعيد الرّازيّ قال: ما رأيت أسود أحفَظَ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أعْلَم بِفقْهه ومعانيه من أحمد بن حنبل1.

وقال ابن أبي حاتم: ثنا أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، وأصحابَنَا. وكنا نتذاكر الحديث من طريقين وثلاثة. فيقول يحيى من بينهم: وطريق كذا.

فأقول: أليس قد صحّ هذا بإجماعٍ منّا؟ فيقولون: نعم.

فأقول: ما تفسيره؟ ما فِقْهُهُ؟ فيقفون كلّهم، إلا أحمد بن حنبل2.

وقال الخلال: كان أحمد قد كَتَبَ الرَّأي وحفِظها، ثمّ لم يلتفت إليها.

وقال أحمد بن سِنان: ما رأيت يزيد بن هارون لأحدٍ أشدَّ تعظيمًا منه لأحمد بن حنبل. لا رأيته أكْرَمَ أحدًا مثله. وكان يُقْعده إلى جنبه ويوقره ولا يمازحه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015