وَرَوَى السُّدِّيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى نَزَلَتْ فِينَا: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] 1.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أخراكم، فرجعت أولاهم وَاجْتَلَدُوا هُمْ وَأُخْرَاهُمْ. فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: أَبِي، أَبِي. فَوَاللَّهِ مَا انْحَجَزُوا عَنْهُ حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِسَيْفَيْنِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللَّهِ.
رَوَاهُ يُونُسُ بن بكير، عن ابن عون، عن عمير مُرْسَلًا3، وَزَادَ: فَعَثُرَ فَصُرِعَ مُسْتَلْقِيًا وَانْكَشَفَتِ الدِّرْعُ عَنْ بَطْنِهِ، فَزَرَقَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ فَبَقَرَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلَهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ حَمِيتٌ4. فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ يَسِيرًا فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ عَلَيْنَا السلام. وكان عبيد الله معتجرًا بِعِمَامَتِهِ، مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.
فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: يَا وَحْشِيُّ، تَعْرِفُنِي؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي الْعَيْصِ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَاسْتَرْضَعَتْهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، لَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ. قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ, إن