وَالْمُسْلِمُونَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَةُ آلافٍ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحُدًا، وَرَجَعَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِي ثَلَاثِمَائَةٍ، فَسَقَطَ فِي أَيْدِي الطَّائِفَتَيْنِ، وَهَمَّتَا أَنْ تَفْشَلا؛ وَالطَّائِفَتَانِ: بَنُو سَلَمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: 122] ؛ بَنُو سَلَمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ، مَا أَحَبُّ أَنَّهَا لم تنزل لقوله: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ خَرَجُوا مَعَهُ. فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِرْقَتَيْنِ؛ فِرْقَةً تَقُولُ: نُقَاتِلُهُمْ. وَفِرْقَةً تَقُولُ: لَا نُقَاتِلُهُمْ. فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا طَيِّبَةٌ تَنْفِي الْخَبِيثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] ؛ وَقَالَ مَيَّزَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ.

وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ أُحُدٍ؛ كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، وَالْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُمْ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَ بَعْضَ الْحَدِيثَ، وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ كُلُّهُ فِيمَا سُقْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ؛ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ لَمَّا أُصِيبَ مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ، وَرَجَعَ فَلُّهُمْ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِالْعِيرِ، مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ بِبَدْرٍ، فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ تِجَارَةٌ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَتَرَكُمْ وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ، فَأَعِينُونَا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَرْبِهِ لَعَلَّنَا نُدْرِكُ مِنْهُ ثَأْرًا بِمَنْ أَصَابَ مِنَّا. فَاجْتَمَعُوا لحرب رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُ الْعِيرِ بِأَحَابِيشِهَا وَمَنْ أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ.

وَكَانَ أَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِيُّ قَدْ مَنَّ عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ ذا عيال وحاجة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015