تُوُفّي بِشْر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلَ سَنَةَ سبعٍ وعشرين قبل المعتصم بستّة أيّام، وله خمسٌ وسبعون سنة في يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول.

قال أبو بكر بن أبي داود: قلت لعليّ بن خشرم لمّا أخبرني أنّ سماعه وسماع بِشْر بن الحارث بن عيسى واحد. قلت له: فأين حديث أمّ زَرْع؟ فقال: سماعي معه، وكتبتُ إليه أن يوجّه به إليّ. فكتب إليّ: هل عملت بما عندك، حَتّى تطلب ما ليس عندك؟ قال عليّ: وُلد بِشْر في هذه القرية وكان يتفتّى في أول أمره. وقد جرح. وقال حسن المسوحي: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث يقول: أتيت باب المعافى بن عمران، فدفقت الباب، فقيل لي: من؟ فقلت: بِشْر الحافي.

فقالت جُوَيْرية من داخل الدار: لو اشتريتَ نَعْلًا بدانِقَين ذهب عنك اسمُ الحافي.

وقال الحَسَن بن رشيق، عن عمر بن عبد الله الواعظ قال: كان بِشْر بن الحارث شاطرًا1 يجرح بالحديد، وكان سبب توبته أنّه وجد قِرْطاسًا في أتون حمّام فيه "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فعظُم ذلك عليه، ورفع طرْفه إلى السّماء وقال: سيدي، اسمُك هنا ملقى. فرفعه، وقلع عنه السَّحاة التي هو فيها، وأعطى عطّارًا درهمًا، فاشترى به غالية، لم يكن معه سواه، ولطّخ بها تلك السحاة، وأدخله شُقّ حائط. وانصرف إلى زجّاج كان يجالسه. فقال له الزّجّاج: واللهِ يا أخي، لقد رأيتُ لك في هذه الّليلة رؤيا ما أقولها حَتّى تحدّثني ما فعلتَ بينك وبين الله.

فذكر له شأن الورقة. فقال: رأيت كأنّ قائلًا يقول لي في المنام: قل لِبِشْر ترفع لنا اسمًا من الأرض إجلالًا أن يداس، لنتوهّن باسّمك في الدُّنيا والآخرة2.

وذكر أبو عبد الرحمن السُّلَميّ أن بِشْرًا كان من أبناء الرؤساء والكَتَبَة.

صحب الفُضَيْل بن عِيَاض. سألت الدَّارَقُطْنيّ عنه فقال: زاهد، جبل، ثقة، ليس يروى إلّا حديثًا صحيحًا.

وعن بِشْر قال: لا أعلم أفضل من طلب الحديث، والعِلْم لمن اتقى الله وحَسُنَت نيَّتُه فيه. وأمّا أنا فأستغفر الله من كل خطوة خطوت فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015