قال: كذا هو. قال: نعم.
قال: فما أبقيت لِفرْعَوْن؟ قال: خفت أن يفسدوا عليّ بتغيير ما يعهدونه.
فقال له إسحاق بن إبراهيم الأمير: كيف تحلف لنا بالله فنصدّقك، وأنت تدّعي ما ادّعى فِرْعَون.
فقال: يا إسحاق، هذه سورة قرأها عُجَيْف على عليّ بن هشام، وأنت تقرؤها عليّ، فانظر غدًا من يقرأها عليك. ثمّ تقدّم مازيار، فقالوا له: تعرف هذا؟ قال: نعم.
قالوا: هل كاتبتَه؟ قال: لا؟ فقالوا للمازيار: هل كتب إليك؟ قال: كتب إليّ أخوه على لسانه أنّه لم يكن يَنْصر هذا الدّين الأبيض غيري وغيرك وغير بابَك.
فأمّا بابَك فإنّه بحُمقه قتل نفسه، فانْ خالفتَ لم يكن للخليفة من يؤمر بقتالك، غيري، ومعي الفُرسان وأهل النجدة والبأس. فإن وُجّهت إليك لم يبق أحد يحاربنا إلّا ثلاثة: العرب، والمغاربة، والأتراك فأمّا العربيّ فبمنزلة الكلب، أطرح له كِسْرة، ثمّ اضرب رأسه بالدّبُّوس.
وهؤلاء الذّئاب، يعني المغاربة، فإنّهم أَكَلَة رأس، وأمّا التُّرْك، فإنّما هي ساعةٌ حَتّى تَنْفَدَ سهامُهُم، ثمّ تَجُول عليهم الخيلُ جَولَةً، فتأتي على أخرهم، ويعود الدّين إلى ما لم يزل عليه أيّام العجم.
فقال الأفشين: هذا يدَّعي على أخي، ولو كنت كتبت بهذا إليه لأستميله كان غير مستنكَر، لأنّي إذا نصرت أمير المؤمنين بيدي، كنتُ أن أنصره بالحيلة أحرى لآخذ برقبة ذا.
فزجره أحمد بن أبي دُؤَاد وقال: أمطهّرٌ أنت؟ قال: لا.
قال: ما منعك من ذلك؟ قال: خفت التَّلَف.
قال: أنت تلقى الحروب وتخاف من قطع قَلْفَة.
قال: تلك ضرورة أصبر عليها، وأمّا القلْفَة فلا، ولا أخرُج بها من الإسلام. فقال أحمد: قد بان لكم أمره. قال: فردّ إلى الحبس1.