شَجَرَةٍ بِقُرْبِ صَوْمَعَةٍ، فَأَطَلَّ الرَّاهِبُ إِلَى "مَيْسَرَةَ" فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا نَبِيٌّ.
ثُمَّ بَاعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِجَارَتَهُ وَتَعَوَّضَ وَرَجَعَ، فَكَانَ "مَيْسَرَةُ" -فِيمَا يَزْعُمُونَ- إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلَّانِهِ مِنَ الشَّمْسِ وَهُوَ يَسِيرُ1.
وَرَوَى قِصَّةَ خُرُوجِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا، المحاملي، عن عبد الله ابن شَبِيبٍ وَهُوَ وَاهٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرُ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرِ الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَتْنِي عُمَيْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ أُخْتِ يَعْلَى قَالَتْ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ بَاعَتْ خَدِيجَةُ مَا جَاءَ بِهِ فَأَضْعَفَ أَوْ قَرِيبًا.
وَحَدَّثَهَا "مَيْسَرَةُ" عَنْ قَوْلِ الرَّاهِبِ، وَعَنِ الْمَلَكَيْنِ، وكانت لبيبةً حازمةً، فبعثت إليه تقول: يابن عمّي، إنّي رَغِبْتُ فِيكَ لِقَرَابَتِكَ وَأَمَانَتِكَ وَصِدْقِكَ وَحُسْنِ خُلُقِكَ، ثُمَّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، فَقَالَ ذَلِكَ لِأَعْمَامِهِ، فَجَاءَ مَعَهُ حَمْزَةُ عَمُّهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خُوَيْلِدٍ فَخَطَبَهَا مِنْهُ، وَأَصْدَقَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِشْرِينَ بَكْرَةً، فَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ. وَتَزَوَّجَهَا وَعُمْرُهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً3.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَا يَحْسَبُ حَمَّادٌ،: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر خَدِيجَةَ، وَكَانَ أَبُوهَا يَرْغَبُ عَنْ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَصَنَعَتْ هِيَ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَتْ أَبَاهَا وَزُمَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَطَعِمُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا، فَقَالَتْ لِأَبِيهَا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَخْطُبُنِي فَزَوِّجْنِي إِيَّاهُ، فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، فَخَلَّقَتْهُ4 وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً كَعَادَتِهِمْ، فَلَمَّا صَحَا نَظَرَ، فَإِذَا هُوَ مُخَلَّقٌ فَقَالَ: مَا شَأْنِي؟ فَقَالَتْ: زَوَّجْتَنِي مُحَمَّدًا، فَقَالَ: وَأَنَا أُزَوِّجُ يَتِيمَ أبي طالب! لا لعمري، فقالت: أما تستحيي؟ تُرِيدُ أَنْ تُسَفِّهَ نَفْسَكَ مَعِي عِنْدَ قُرَيْشٍ بِأَنَّكَ كُنْتَ سَكْرَانَ، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رضي5.