وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ الْعَبْدَرِيُّ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْأُسَارَى فَرَّقَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ: "اسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا". قَالَ نُبَيْهُ: فَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي عَزِيزٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا". فَإِنْ كَانَ لَيُقَدَّمُ إِلَيْهِمُ الطَّعَامُ فَمَا تَقَعُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ كَسْرَةٌ إِلَّا رَمَى بِهَا إِلَى أَسِيرِهِ، وَيَأْكُلُونَ التمر. فكنت أستحيي فَآخُذُ الْكَسْرَةَ فَأَرْمِي بِهَا إِلَى الَّذِي رَمَى بِهَا إِلَيَّ، فَيَرْمِي بِهَا إِلَيَّ.
أَبُو عَزِيزٍ هُوَ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ أَسْلَمَ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ كَافِرًا.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَمِائَةٍ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْهُ1.
وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ: كَانَ فِدَاءُ أَهْلِ بَدْرٍ الْعَبَّاسِ، وَعُقَيْلِ ابْنِ أَخِيهِ، وَنَوْفَلٍ، كُلُّ رَجُلٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق: حدثني العباس بن عبد الله بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عباس أن رسول الله قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ قَدْ أُخْرِجُوا كرها، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَا يَقْتُلْهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا".
فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ: أَنَقْتُلُ آبَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لقيته لألجمنه بالسيف.
فبلغت رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: "يَا أَبَا حَفْصٍ، أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَافَقَ.
فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ بَعْدُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا آمِنٌ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ، وَلَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا، إِلَّا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّهُ عَنِّي بشهادة. فاستشهد يوم اليمامة2.