وأبو عبد الله بن أبي دُؤاد لَا يُفارقك، وأشْرِكْه في المشورة في كل أمرك، ولا تتّخذنّ بعدي وزيرًا، فقد علمت ما نكبني به يحيى بن أكثم في معاملة الناس، وخُبْث سريرته حتّى أبعدْتُهُ.
هؤلاء بنو عمّك من ذُرِّيَّة أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه أحسِنْ صُحْبتهم، وتجاوَزْ عن مُسِيئهم، وأَعطهِم الصِّلات1.
ثم تُوُفّي في رجب، ودُفِن بطَرَسُوس.
"خلافة المعتصم":
وكان أول من بايع المعتصم: العبّاسُ بنُ المأمون.
"ما ذكره المسبّحي عن المحنة في مصر":
قال محمد بن عُبيد الله المُسبّحي في "تاريخ مصر": كتب المعتصم إلى نائبه على مصر كُنْدر، وإلى قاضي مصر هارون بن عبد الله الزُّهْريّ كتابًا بخطّ الفضل بن مروان يمتحن فيه الناس بخلْق القرآن. فأحضرهم القاضي هارون، فأجاب عامّة الشهود وأكثر الفقهاء، إلّا من هرب منهم. وكان هارون إذا شهد عندَه عدلْان سألهما عن القرآن، فإنْ أقرّا أنّه مخلوق قبلهما، وأخذ بذلك المؤذِّنون والمحدّثون. وأُقِرّ المعلّمون أنّ تعلّمه الصّبيان كتعليم القرآن، يعني القول بخلق القرآن. وبقيت المحنة إلى أن وُلِّيَ الخلافةَ المتوكّل سنة اثنتين وثلاثين.
"الوباء والغلاء بمصر":
وفيها: وقع الوباء العظيم بمصر، فمات أكثرهم، وغلا السِّعر هذه السنة وبعض سنة تسع عشرة.
قال: ولم تبقَ دارٌ ولا قرية إلّا مات أكثر أهلها. ولم يبق بمصر رئيس ولا شريف مشهور.
وولّت الدنيا عمّن بقي من أولادهم، وركبهم الذُّلّ، وجفاهم السلطان؛ لأنّهم خرجوا غير مرّة وأثاروا الفتنة.