وأمّا المعروف بسَجّادة، وإنكاره أن يكون سمع ممن كان يجالس من الفقهاء القولَ بأنّ القرآن مخلوق، فأَعْلِمْه أنّ في شُغله بإعداد النَّوَى، وحُكمه لإصلاح سجّادته، وبالودائع الّتي دفعها إليه عليّ بن يحيى وغيره ما أذهله عن التوحيد.

وأمّا القواريريّ ففيما انكشف من أحواله، وقبوله الرّشا والمصانعات، ما أبان عن مذهبه وسوء طريقته وسخافة عقله ودينه.

وأمّا يحيى العُمريّ، فإنْ كان من ولد عمر بن الخطّاب فجوابه معروف.

وأمّا محمد بن الحسن بن عليّ بن عاصم، فإنّه لو كان مُقْتديًا بمن مضى من سلفه لم ينتحل النِّحْلَةَ التي حُكِيَتْ عنه، وأنّه بعدَ صبيٌّ يحتاج إلى أن يُعلَّم.

وقد كان أمير المؤمنين وجّه إليك المعروف بأبي مُسْهِر، بعد أن نصّه أمير المؤمنين عن محنته في القرآن، فجمجم عنها ولَجْلج فيها، حتّى دعا له أمير المؤمنين بالسيف، فأقرّ ذميمًا، فأَنْصِصْه عن إقراره، فإنْ كان مقيمًا عليه فأشْهِر ذلك وأظْهِرْه، ومَن لم يرجع عن شِرْكه ممّن سمَّيتُ بعد بِشر، وابن المهديّ، فاحمِلْهم موثَّقين إلى عسكر أمير المؤمنين ليسألهم. فإنْ لم يرجعوا حملهم على السيف.

قال: فأجابوا كلّهم عند ذلك، إلّا أحمد بن حنبل، وسجّادة، ومحمد بن نوح، والقواريريّ، فأمرَ بهم إسحاق فقُيِّدوا، ثم سألهم من الغد وهم في القيود فأجاب سجّادة. ثم عاودهم ثالثًا فأجاب القواريريّ، ووجَّه بأحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح المضروب إلى طَرَسُوس. ثم بلغ المأمون أنهم إنما أجابوا مُكْرَهينَ، فغضِب وأمر بإحضارهم إليه. فلما صاروا إلى الرَّقَّةِ بَلَغَتهم وفاةُ المأمون. وكذا جاء الخبر بموت المأمون إلى أحمد1. ولطف الله تعالى وفرج.

وأمّا محمد بن نوح فكان عديلًا لأحمد بن حنبل في المَحْمل، فمات. فوليه أحمد بالرَّحْبة وصلّى عليه ودفنه، رحمه الله تعالى.

"وفاة المأمون":

وأما المأمون فمرض بالروم، فلما اشتدّ مرضه طلب ابنَه العبّاس لِيَقْدم عليه، وهو يظنّ أنّه لَا يدركه، فأتاه وهو مجهود، وقد نفذت الكُتُب إلى البلدان، فيها: من عبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015