قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، ادْعُوهُ.
فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى إِنَّ هَذَا لَلُؤْمٌ بِنَا، يَتَخَلَّفُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الطَّعَامِ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ قَامَ وَاحْتَضَنَهُ، وَأَقْبَلَ بِهِ فَلَمَّا رَآهُ بَحِيرَا جَعَلَ يَلْحَظُهُ لَحْظًا شَدِيدًا، وَيَنْظُرُ إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ جَسَدِهِ، قَدْ كَانَ يَجِدُهَا عِنْدَهُ مِنْ صِفَتِهِ، حَتَّى إِذَا شَبِعُوا وتفرّقوا قام بحيرى فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَسْأَلُكَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى إِلَّا أَخْبَرْتَنيِ عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسْأَلْنِي بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَوَاللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ بُغْضَهُمَا شَيْئًا قَطُّ.
فَقَالَ لَهُ: فَبِاللَّهِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ حَالِهِ، فَتَوَافَقَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الصِّفَةِ.
ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ أَثَرَ خَاتَمِ النّبوّة، فأقبل على أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: مَا هُوَ مِنْكَ - قَالَ: ابْنِي.
قَالَ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا.
قَالَ: فَإِنَّهُ ابْنُ أَخِي.
قَالَ: ارْجِعْ بِهِ وَاحْذَرْ عَلَيْهِ الْيَهُودَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ رَأَوْهُ وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا عَرَفْتُهُ لَيَبْغُنَّهُ شَرًّا، فَإِنَّهُ كَائِنٌ لِابْنِ أَخِيكَ شَأْنٌ، فَخَرَجَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ سَرِيعًا حَتَّى أَقْدَمَهُ مَكَّةَ حِينَ فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: أَنَّ أَبَا طَالِبٍ سَافَرَ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ مُحَمَّدٌ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَأَتَاهُ رَاهِبٌ فَقَالَ: فِيكُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ أَبُو هَذَا الْغُلَامِ؟ قَالَ: أَبُو طَالِبٍ: هَأَنَذَا وَلِيُّهُ. قَالَ: احْتَفِظْ بِهِ وَلَا تَذْهَبْ بِهِ إِلَى الشَّامِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ حُسَّدٌ، وَإِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ. فَرَدَّهُ1.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ تاجرًا إلى الشام، ومعه محمد، فنزلوا ببحيرى، الحديث2.