ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَاحَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلَاهَا ثُمَّ قَالُوا: لَا تَفْعَلُوا فَيُبَلِّغَ مُحَمَّدًا وأصحابه فَيَشْمَتُوا بِكُمْ.

وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَدْ أُصِيبَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ وَلَدِهِ: زَمْعَةُ، وَعَقِيلٌ، وَالْحَارِثُ. فَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَبْكِيَ عَلَيْهِمْ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى. فَقَدِمَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فِي فِدَاءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو. فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْزَعُ ثَنِيَّتَيْ سُهَيْلٍ فَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ خَطِيبًا فِي مَوْطِنٍ أَبَدًا فَقَالَ: "لَا أُمَثِّلُ بِهِ فَيُمَثِّلُ اللَّهُ بِي، وَعَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا لَا تَذُمَّهُ" 1. فَقَامَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوٍ مِنْ خُطْبَةِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ.

وَانْسَلَّ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، فَفَدَى أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَانْطَلَقَ بِهِ.

وَبَعَثَتْ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الربيع ابن عَبْدِ شَمْسٍ بِمَالٍ. وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ, فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهَا، وَقَالَ: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا مَالَهَا". قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَأَطْلَقُوهُ2.

فَأَخَذَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُخَلِّي سَبِيلَ زَيْنَبَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ النِّسَاءِ. وَاسْتَكْتَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ. وَبَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فقال: "كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زَيْنَبُ فَتَصْحَبَانَهَا حَتَّى تَأْتِيَانِي بِهَا". وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ.

فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ بِأَبِيهَا، فَتَجَهَّزَتْ. فَقَدَّمَ أَخُو زَوْجِهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بَعِيرًا، فَرَكِبَتْهُ وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يَقُودُهَا. فَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ رِجَالٌ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا. فَبَرَكَ كِنَانَةُ ونثر كنانته لما أدركوها بذي طوى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015