وضمنت لَهُ أنّ لا أدخل عمله ولا يدخل عملي. ثم خندق عَلَى باب الجسر وباب الشام. فبلغ إبراهيم ما هُوَ فيه فحذر1.

وقيل: إنّ الّذي نم إِلَيْهِ هارون أخو عيسى، فطلبه إبراهيم، فاعتل عَلَيْهِ عيسى. ثمّ ألح عَلَيْهِ في المجيء، فأتاه، فحبسه بعد معاتبةٍ بينهما، وبعد أنّ ضربه وحبس معه عدة من قواده في آخر شوّال. فمضى بقية أصحابه ومواليه بعضهم إلى بعض، وحرضوا إخوته عَلَى إبراهيم المهديّ، فتجمعوا، وكان رأسهم عَبَّاس نائب عيسى، فطردوا كل عاملٍ لإبراهيم في الكرخ وغيره. ثمّ كثروا عَلَى عامل باب الجسر وطردوه. فدخل إلى إبراهيم وقطع الجسر. ثمّ ظهر الأوباش والشطار2.

وكتب عيسى إلى حُمَيْد يحثه عَلَى المجيء ليتسلم بغداد. ولم يصلوا جمعة بل ظهرًا. فقدم حُمَيْد وخرج للقيه عَبَّاس وقواد أهل بغداد، فوعدهم ومناهم وأن ينجز لهم العطاء عَلَى أنّ يصلوا الجمعة فيدعون للمأمون، ويخلعوا إبراهيم، فأجابوه.

فبلغ إبراهيم بْن المهديّ الخبرٌ، فأخرج عيسى من الحبْس، وسأله أنّ يكفيه أمر حُمَيْد، فأبى عَلَيْهِ.

فلمّا كَانَ يوم الجمعة بعث عَبَّاس إلى محمد بْن أَبِي رجاء الفقيه فصلّى بالناس ودعا للمأمون؛ ووصل حُمَيْد إلى الياسريّة، فعرض بعض الْجُنْد وأعطاهم الخمسين درهمًا التي وعدهم بها، فسألوه أنّ ينقصهم عشرة عشرة؛ لأنهم تشاءموا لما أعطاهم عليّ بْن هشام خمسين خمسين، فغدرهم وقطع العطاء عَنْهُمْ. فقال حُمَيْد: بل أزيدكم عشرة عشرة وأعطيكم ستين.

فدعا إبراهيم عيسى، وسأله أيضًا أنّ يقابل حميدًا فأجابه، فخلى سبيله وضمن عَلَيْهِ. فكلَّم عيسى الْجُنْد أنّ يُعطيهم كعطاء حُمَيْد فأَبَوْا عَلَيْهِ. فعبر إليهم هُوَ وإخوته إلى الجانب الغربيّ. وقال: أزيدكم من عطاء حميد. فسبّوه، وقالوا: لا نريد إبراهيم.

فدخل عيسى وأصحابه المدينة وأغلقوا الأبواب، وصعدوا السور وقاتلوا ساعة. ثمّ انصرفوا إلى ناحية باب خراسان، فركبوا في السفن. وردّ عيسى كأنه يريد مقاتلتهم، ثمّ احتال حتّى صار في أيديهم شبه الأسير، فأخذ بعض قواده فأتى به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015