رَبِيعَةَ قَالَ: لَوْ كَانَ مَعِي بَصَرِي وَكُنْتُ بِبَدْرٍ لَأَرَيْتُكُمُ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ1.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رِجَالٍ، عن أبي داود المازني قال: إِنِّي لَأَتْبَعُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ، إِذْ وَقَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غَيْرِي.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا يَوْمَ بَدْرٍ2.
وَأَمَّا أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فَاحْتَمَى فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ -وَهُوَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ- وَبَقِيَ أَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: أَبُو الْحَكَمِ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ. قَالَ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوح: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا جَعَلْتُهُ مِنْ شَأْنِي، فَصَمَدْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبْتُ ضَرْبَةً أَطَنَّتْ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ. فَوَاللَّهِ مَا أُشَبِّهُهَا حِينَ طَارَتْ إِلَّا بِالنَّوَاةِ تَطِيحُ مِنْ تَحْتِ مِرْضَخَةِ النَّوَى حِينَ تُضْرَبُ بِهَا, فَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكْرَمَةَ عَلَى عَاتِقِي فَطَرَحَ يَدِي، فَتَعَلَّقْتُ بِجِلْدَةٍ مِنْ جَنْبِي، وَأَجْهَضَنِي الْقِتَالُ عَنْهُ, فَلَقَدْ قَاتَلْتُ عَامَّةَ يَوْمِي، وَإِنِّي لَأَسْحبُها خَلْفِي. فَلَمَّا آذَتْنِي وَضَعْتُ عَلَيْهَا قَدَمِي, ثُمَّ تَمَطَّيْتُ بِهَا عَلَيْهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا. قَالَ: ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ.
ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي جَهْلٍ مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، فَضَرَبَهُ حَتَّى أَثْبَتَهُ، وَتَرَكَهُ وَبِهِ رَمَقٌ. وَقَاتَلَ مُعَوِّذٌ حَتَّى قُتِلَ.
وَقُتِلَ أَخُوهُ عَوْفٌ قَبْلَهُ. وَاسْمُ أَبِيهِمَا: الْحَارِثُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الزُّرَقِيُّ.
ثُمَّ مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِي جَهْلٍ حِينَ أَمَر النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْتِمَاسِهِ، وَقَالَ فِيمَا بَلَغَنَا: "إِنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فِي الْقَتْلَى فَانْظُرُوا إِلَى أَثَرِ جُرْحٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَإِنِّي ازْدَحَمْتُ أَنَا وَهُوَ يَوْمًا عَلَى مَأْدُبَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، وَنَحْنُ غُلامَانِ؛ وَكُنْتُ أَشَفَّ مِنْهُ بِيَسِيرٍ، فَدَفَعْتُهُ، فَوَقَعَ عَلَى رُكْبَتِهِ فَجُحِشَ فِيهَا". قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَوَجَدْتُهُ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنُقِهِ.
وَقَدْ كَانَ ضَبَثَ بِي مَرَّةً بِمَكَّةَ، فَآذَانِي وَلَكَزَنِي3. فَقُلْتُ لَهُ: هل أخزاك الله يا