أبو شُعيب الحرّانيّ: نا عليّ بْن خشرم: قَالَ منصور بْن عمّار: لما قدِمتُ مصر كانوا في قَحْط، فلمّا صلّوا الجمعة ضجّوا بالبكاء والدعاء. فحضرتني نيةٌ، فصرت إلى الصح وقلت: يا قوم تقرَّبوا إلى الله بالصَّدَقة، فما تُقرَّب إليه بأفضل منها. ثمّ رميت بكِسائي وَقُلْتُ: الّلهمّ هذا كسائيِ وهو جَهْدي. فتصدّقوا حتى جعلت المرأة تُلقي خُرْصَها، حتى فاض الكِساء مِن أطرافه، ثمّ هطلت السماء ومُطِرنا. فخرج الناس في الطّين والمطر، فَدُفِعَت، يعني الصدقات، إلى الليث وابن لهيعة، فنظرا إلى كثرة المال فقال أحدهما لصاحبه: لا يُحَرَّك. ووكّلوا بِهِ الثَّقات حتى أصبحوا. فرحتُ أَنَا إلى الإسكندريّة، فبينا أَنَا أطوف عَلَى حصنها إلى رجلٌ يرمقني، فقلت: ما لك؟ قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم! قَالَ: إنّك صرت فتنة. قَالُوا: ذاك الخَضِر دعا، فاستُجيب لَهُ.

قلت: بل أَنَا العبد الخاطئ. فقدِمتُ مصر، فلقيت اللَّيْثُ فلمّا نظر إلى قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم!.

فأقطعني خمسة عشر فَدَّانًا، وصرت إلى ابن لهيعة فأقطعني خمسة فدادين1.

عليّ بْن خَشْرم: نا منصور ح وأبو داود، عَنْ قُتَيْبة، عَنْ منصور قَالَ: قدِمت مصر وبها قحط، فتكلّمتُ، فبذلوا صدقات كثيرة. فأُتيّ بي إلى اللَّيْثُ فقال: ما حملك على أن تكلّمت ببلدنا بغير أمرنا.

قلتُ: أصلحك الله، أعرضُ عليك، فإن كَانَ مكروهًا نهيتني.

قَالَ: تكلّم. فتكلَّمت، فقال: قم، لا يحلّ أن أسمع هذا وحدي.

قَالَ: وأخرج إليّ بعد هذا حلية قيمتها ثلاثمائة دينار.

ثمّ لمّا خرج النّاس ناولني كيسًا فيه ألف دينار، وقال: لا تُعْلِم بِهِ ابني فتهون عَليْهِ2.

وقال أبو حاتم: نا سُلَيْم بْن منصور، نا أَبِي قَالَ: أعطاني اللَّيْثُ ألف دينار.

قَالَ عليّ بْن خَشْرَم: سمعت منصورًا يَقُولُ: المتكلّمون ثلاثة: الحَسَن البصْريّ، وعمر بْن عَبْد العزيز، وعون بْن عَبْد الله. قلت: فأنت الرابع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015