ويُقال إنّ الرشيد هُوَ الَّذِي لقّبه بصريع الغواني لقوله:
أديرا عليّ الكأسَ لا تَشْربا قبلي ... ولا تَطْلُبا مِن عند قاتلتي ذَحْلي
هَلِ العيشُ إلا أن تَرُوح مَعَ الصَّبا ... وَتَغْدُو صريعَ الكأس والأَعْيُنِ النُّجْلِ1
وهو القائل:
أرادو لِيُخْفُوا قبره عَنْ عدوّهِ ... فطِيبُ تُرابِ القبرِ دلّ عَلَى القبرِ2
ومن هجائه ما قَزَع:
أمّا الهجاءُ فَدَقَّ عِرضك دونَه ... والمدحُ فيك كما علمتَ قليلُ
فاذْهَبْ فأنت طليقُ عِرْضك إنّه ... عرضُ عَزَزْتَ بِهِ وأنت ذليلُ
قَالَ الخطيب: ومسلم بْن الوليد كوفيّ نزل بغداد، وكان مدّاحًا مفوَّهًا بليغًا.
قَالَ بعضهم: لمسلم ثلاثة أبيات: أرثَى بيت، وأمدح بيت، وأهجي بيت.
فالأول: أرادوا ليُخْفُوا قبَره.
والبيت الثاني، وهو أمدح بيت، قوله:
يجود بالنَّفسِ إذ ضنّ البخيلُ بها ... والْجُودُ بالنَّفس أقصى غايةِ الْجُود
والثالث قوله:
قَبُحَتْ مَنَاظِرُهُ، فحِين خبْرتُهُ ... حُسنَتْ مَنَاظِرُهُ لقُبْح المُخبرِ
وله في الشّيب:
أكره شَيْبيْ وآسَى أن يُزَايِلَني ... أعجبُ بشيءٍ عَلَى البغضاء مودودِ
وله يمدح يزيد بْن مَزْيَد الشَّيْبانيّ مِن قصيدة:
يكسو السُّيُوفَ نفوس النّاكثين بها ... ويجعل الهام تِيجان القنا الُّذبُل
إذا انتضى سيفَه كانت مسالكُهُ ... مسالكَ الموت في الأبدان والقلل