وعنه: سفيان الثوري، وهو أكبر منه، وابن عُيَيْنَة، وابن المبارك، ويحيى القطّان، وحسين الْجُعْفيّ، وابن مهديّ، والشيزريّ، ومُسَدَّد، وقُتَيْبة، ويحيى بن يحيى، وبشر الحافي، والقعنبيّ، ويحيى بن أيّوب، وأحمد بن المقدام العِجْليّ، وخلْق سواهم.
وكان إمامًا، ثقة، حُجّةً، زاهدًا، عابدًا، نبيهًا، صمدانيًا، كبير الشأن.
قال ابن سعد: وُلد الْفُضَيْلُ بخراسان بكورة أبيورد، وقدِم الكوفةَ وهو كبير، فسمع من منصور، وغيره: ثمّ تعبَّد ونزل مكّة، وكان ثقة نبيلا، فاضلا، عابدًا، كثير الحديث.
وقال إبراهيم بن الأشعث وغيره: سمعناه فُضَيْلا يقول: وُلدت بسمرقَنْد.
وقال أبو عبد الرحمن السُّلميّ: أنا أبو بكر محمد بن جعفر: نا الحسين بن عبد العزيز العسكريّ، كذا قال وصوابه ابن عبد الله العسكريّ، قال: ثنا ابن أخي أبي زُرْعة، ثنا محمد بن إسحاق بن راهَوَيْه، نا أبو عمّار، عن الفضل بن موسى قال: كان الفُضَيّل بن عِياض شاطرًا يقطع الطريق بين أبِيوَرْد وسَرْخَس، وكان سبب توبته أنّه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الْجُدران إليها سمع رجلا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] فقال: يا ربّ قد آن، فرجع.
فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: ترتجل؟ وقال قوم: حتى نُصْبح، فإنّ فُضَيْلا على الطريق يقطع علينا. فتاب الْفُضَيْلُ وأمّنهم. وجاور بالحَرَم حتّى مات1.
إبراهيم بن اللَّيْث النَّخْشبيّ: نا عليّ بن خَشْرم: أخبرني رجل من جيران الْفُضَيْلِ من أبِيوَرْد قال: كان الْفُضَيْلُ يقطع الطريق وحده، فبينا هو ذات لَيْلَةٍ وقد انتهت إليه القافلة، فقال بعضهم: اعدِلوا بنا إلى هذه القرية، فإن الفُضَيْل يقطع الطريق، فسمع ذلك وأرعد، فقال: يا قوم جُوزوا، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله.
وجاء نحوها من وجهٍ آخر فيه جَهْضَم، وهو ساقط.
وبالجملة فالشِّرْك أعظم من كل إفْك، وقد أسلَم خلقٌ صاروا أفضل هذه الأمَّة، نسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى طاعته، فإنّ قلوب العباد بيده يصرفها كيف يشاء.