وَمُحَبَّبٌ شَهِدَ الرِّفَاقُ مَقْتَلَهُ ... غَنَّى الْجَوَارِي حَاسِرًا وَمُنَقَّبَا
لَبِسَ الدَّلالَ وَقَامَ يَنْقُرُ دُفَّهُ ... نَقْرًا أَقَرَّ بِهِ الْعُيُونَ وَأَطْرَبَا
إِنَّ النِّسَاءَ رَأَيْنَهُ فَعَشِقْنَهُ ... وَشَكَوْنَ شِدَّةَ مَا بِهِنَّ فَكَذَّبَا1
فَطَرِبْتُ وَاللَّهِ، ثُمَّ غَنَّتْ فَرَقَصْنَا مَعًا، ثُمَّ قَالَ لِي: انْهَضْ بِنَا. فَلَمَّا صِرْنَا فِي الدِّهْلِيزِ، قَالَ: أَتَعْرِفُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: لا! قَالَ: هِيَ عُلَيَّةُ بِنْتُ الْمَهْدِيِّ، وَاللَّهِ لَئِنْ لَغَطْتَ بِهِ لأَقْتُلَنَّكَ.
فَقَالَ لَهُ جَدِّي: وَقَدْ وَاللَّهِ لَغَطْتَ به، والله ليقتلنك.
قيل: أنشدت جَعْفَرًا امْرَأَةٌ كِلابِيَّةٌ:
إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى الْعَقِيقِ وَأَهْلُهُ ... يَشْكُونَ مِنْ مَطَرِ الرَّبِيعِ نُزُورَا
مَا ضَرَّهُمْ إِذْ مَرَّ فِيهِمْ جَعْفَرٌ ... أَنْ لا يَكُونَ رَبِيعُهُمْ مَمْطُورَا1
وَرَوَى الإِسْكَافِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الرَّشِيدُ بَعْدَ قَتْلِ جَعْفَرٍ وَصَلْبِهِ: اخْرُجْ بِنَا نَنْظُرْ إِلَيْهِ. فَلَمَّا عَايَنَهُ أَنْشَأَ يَقُولُ:
تَقَاضَاكَ دَهْرُكَ مَا أَسْلَفَا ... وَكَدَّرَ عَيْشَكَ بَعْدَ الصَّفَا
وَلا تَعْجَبَنَّ فَإِنَّ الزَّمَانَ ... رَهِينٌ بِتَفْرِيقِ مَا أَلَّفَا
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثِقَةٌ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَتْلُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ حَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ قَدْ كَفَانِي مَئُونَةَ الدُّنْيَا، فَاكْفِهِ مَئُونَةَ الآخِرَةِ3.
ابْنُ الْمَرْزُبَانِيِّ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صُلِبَ جَعْفَرٌ وَقَفَ الرَّقَاشِيُّ الشَّاعِرُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا خَوْفُ وَاشٍ ... وَعَيْنٌ لِلْخَلِيفَةِ لا تَنَامُ
لَطُفْنَا حَوْلَ جِذْعِكَ وَاسْتَلَمْنَا ... كَمَا لِلنَّاسِ بالحجر استلام