وَقِيلَ إِنَّ أُخْتَ الرَّشِيدِ قَالَتْ لَهُ: مَا رَأَيْتُ لَكَ سُرُورًا تَامًّا مُنْذُ قَتَلْتَ جَعْفَرًا، فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ قَمِيصِي يَعْلَمُ السَّبَبَ لَمَزَّقْتُهُ.
وَلَمْ يَزَلْ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَعِدَّةٌ مِنَ الْخَدَمِ مَحْبُوسِينَ وَحَالُهُمْ حَسَنٌ إِلَى أَنْ سَخِطَ الرَّشِيدُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ، فَعَمَّهُمْ بِسَخَطِهِ، وَجَدَّدَ لَهُمُ التُّهْمَةَ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ مُعَلَّقَةً مُدَّةً، وَقُطِّعَتْ أَعْضَاؤُهُ وَعُلِّقَتْ بِأَمَاكِنَ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أُنْزِلَتْ وَأُحْرِقَتْ1.
وَحُبِسَ يَحْيَى وَأَوْلادُهُ كُلَّهُمْ سِوَى مُحَمَّدٍ وَبَنِيهِ2.
وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ:
قُولا لِمَنْ يَرْتَجِي الْحَيَاةَ أَمَا ... فِي جَعْفَرٍ عبرة ويحياه
كانا وزيري خليفة الله ها ... رون هُمَا مَا هُمَا وَزِيرَاهُ
فَذَاكُمُ جَعْفَرٌ بِرُمَّتِهِ ... فِي حَالِقٍ رَأْسُهُ وَنِصْفَاهُ
وَالشَّيْخُ يَحْيَى الْوَزِيرُ أَصْبَحَ قَدْ ... نَحَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَقْصَاهُ
شُتِّتَ بعد التجمع شملهم ... فأصبحوا في البلاد قد تاهوا
كذاك مَنْ يُسْخِطِ الإِلَهَ بِمَا ... يُرْضِي بِهِ الْعَبْدَ يُجْزِهِ اللَّهُ
سُبْحَانَ مَنْ دَانَتِ الْمُلُوكُ لَهُ ... أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا هُو
طُوبَى لِمَنْ تَابَ قَبْلَ غِرَّتِهِ ... فَمَاتَ قَبْلَ الْمَمَاتِ طُوبَاهُ
هَيَاجُ الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِالشَّامِ:
وَفِيهَا هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِالشَّامِ، فَوَجَّهَ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ مَنْصُورِ بْنِ زِيَادٍ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمُ.
الْقَاسِمُ يَغْزُو الصَّائِفَةَ:
وَفِيهَا أَغْزَى الرَّشِيدُ وَلَدَهُ الْقَاسِمَ الصَّائِفَةَ، وَوَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَلاهُ الْعَوَاصِمَ.