وَجَرَى بِحَضْرَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ فِي الْمُذَاكَرَةِ: مَنْ رَجُلُ الأُمَّةِ؟ فَقَالَ: رَجُلُ الأُمَّةِ شَرِيكٌ.
قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: دَعَا الْمَنْصُورُ شَرِيكًا فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَلِّيَكَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ.
فَقَالَ: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: لَسْتُ أُعْفِيكَ.
قَالَ: فَأَنْصَرِفُ يَوْمِي هَذَا وَأَعُودُ، فَيَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رَأْيَهُ.
قَالَ: تُرِيدُ أَنْ تَتَغَيَّبَ، وَلَئِنْ فَعَلْتَ لَأُقْدِمَنَّ عَلَى خَمْسِينَ مِنْ قَوْمِكَ بِمَا تَكْرَهُ.
فَوَلاهُ الْقَضَاءَ، فَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ الْمَهْدِيِّ، فَأَقَرَّهُ الْمَهْدِيُّ، ثُمَّ عَزَلَهُ.
قَالَ: وَكَانَ شَرِيكٌ مَأْمُونًا، ثِقَةً، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، أُنْكِرَ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالْخَطَأُ.
قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: وَمَنْ يُفْلِتُ مِنَ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ. رُبَّمَا رَأَيْتُ شَرِيكًا يخطئ ويصحف حتى أستحيي.
وقال يحيى القطان: أَمْلَى عَلِيَّ شَرِيكٌ فَإِذَا هُوَ لا يَدْرِي.
يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: أَمَا تَرَى كَثْرَةَ قَوْلِ النَّاسِ فِي شَرِيكٍ؟ يَعْنِي فِي حَمْدِهِ مَعَ كَثْرَةِ خَطَأِهِ وَخَطَلِهِ.
قَالَ: اسْكُتْ وَيْلَكَ، أَهْلُ الْكُوفَةِ كُلُّهُمْ مَعَهُ, يَتَعَصَّبُ لِلْعَرَبِ فَهُمْ مَعَهُ، وَيَتَشَيَّعُ لِهَؤُلاءِ الْمَوَالِي الْحَمْقَى، فَهُمْ مَعَهُ.
قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِنَا أَشَدَّ تَقَشُّفًا مِنْ شَرِيكٍ, وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ يَأْخُذُ شَاتَهُ يَذْهَبُ بِهَا إِلَى التَّيَّاسِ، وربما حزرت ثوبيه قبل أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ, وَرُبَّمَا دَخَلْتُ بَيْتَهُ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ إِلا شَاةٌ يَحْلِبُهَا وَمُطَهِّرَةٌ، وَبَارِيَةٌ، وَجَرَّةٌ، فَرُبَّمَا بَلَّ الْخُبْزَ فِي الْمُطَهِّرَةِ فَيُلْقِي إِلَيَّ كُتُبَهُ فَيَقُولُ: اكْتُبْ حَدِيثَ جَدَلٍ وَقِفْ إِذَا أَرَدْتَ.
قَالَ يَعْقُوبُ: وَحَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَ شَرِيكٌ يَوْمًا بِهَذَا الْحَدِيثِ: "وُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتِ الأُمَّةُ في كفة".