وَفِي ذَلِكَ تَقُولُ الْفَارِعَةُ أُخْتُ الْوَلِيدِ:
أَيَا شجر الخابور ما لك مُورِقًا ... كَأَنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ عَلَى ابْنِ طَرِيفِ
فَتًى لا يُحِبُّ الزَّادَ إِلا مِنَ التُّقَى ... وَلا الْمَالَ إِلا مِنْ قِنًى وَسُيُوفِ
حَلِيفُ الندى ما عاش يرض به الندى ... فإن مات لم يرضى النَّدَى بِحَلِيَفِ
أَلا يَا لِقَوْمِي لِلْحِمَامِ وَلِلْبِلَى ... وَلِلأَرْضِ هَمَّتْ بَعْدَهُ بِرُجُوفِ
أَلا يَا لِقَوْمِي لِلنَّوَائِبِ1 وَالرَّدَى ... وَدَهْرٍ مُلِحٍّ بِالْكَلامِ عَنِيفِ
فَإِنْ يَكُ أَرْدَاهُ يَزِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ ... فَرُبَّ زُحُوفٍ لفها بزحوف
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ وَقْفًا فَإِنَّنِي ... أَرَى الْمَوْتَ وَقَّاعًا بِكُلِّ شَرِيفِ
عُمْرَةُ الرَّشِيدِ وَحَجُّهُ:
وَفِيهَا اعْتَمَرَ الرَّشِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَدَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى أَنْ حَجَّ، وَمَشَى مِنْ بُيُوتِهِ إِلَى عَرَفَاتٍ2.
إِمْرَةُ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَلَى الْمَغْرِبِ:
وَفِي رَبِيعِ الأَوَّلِ قَدِمَ هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ أَمِيرًا عَلَى الْقَيْرَوانِ وَالْمَغْرِبِ فَأَمَّنَ النَّاسَ وَسَكَنُوا وَأَحْسَنَ سِيَاسَتَهُمْ, وَكَانَتْ لَهُ هَيْبَةٌ عَظِيمَةٌ, فَبَنَى الْقَصْرَ الْكَبِيرَ الْمُلَقَّبَ بِالْمَنِسْتِيرِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَبَنَى سُورَ طَرَابُلْسَ الْمَغْرِبِ, ثُمَّ إِنَّهُ رَأَى كَثْرَةَ الأَهْوَاءِ وَالاخْتِلافِ بِالْمَغْرِبِ فَطَلَبَ مِنَ الرشيد أن يعفيه, وألح في ذلك.