خيرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: اعْتَزِلْ مَا أَنْتَ فِيهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، تَسْتَقْبِلُ الأَمِيرَ بِهَذَا! قَالَ: فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا يَرْضَى مِنِّي بِهَذَا، وَقَامَ فَخَرَجَ مُغْضَبًا1.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ النُّعمان بْنِ عَبْدِ السَّلام قَالَ: مَرِضَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ وَمَعَهُ الأَوْزَاعِيُّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إِنَّهُ سَهِرَ الْبَارِحَةَ فَلَعَلَّهُ نَائِمٌ، فَقَالَ سُفْيَانُ: لَسْتُ بِنَائِمٍ، لَسْتُ بِنَائِمٍ، فَقَامَ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ لِسُفْيَانَ: أَنْتَ مُسْتَقْتِلٌ لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يصحبك2.

وقال إبراهيم بن أعين: كيف أصبُّ الْمَاءَ عَلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَجَاءَ عَبْدُ الصَّمَدِ أَمِيرُ مَكَّةَ فَسَلَّمَ عَلَى سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟.

قَالَ: أَنَا عَبْدُ الصَّمد، قال: كيف أنت؟ اتّق الله، وإذا كَبَّرْتَ فَأَسْمِعْ3.

يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَمَا كَانَ خَلْفَهُ مَنْ يكبِّر.

زَيْدُ بْنُ أَبِي خُدَاشٍ، أَنَّ الثَّوْرِيَّ لَقِيَ شَرِيكًا فَقَالَ: بَعْدَ الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ تَلِي الْقَضَاءَ! قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَهَلْ لا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ قاضٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَلا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ شُرَطِيٍّ4.

وَقَالَ قَبِيصَةُ: قِيلَ لِشَرِيكٍ: إِنَّ سُفْيَانَ قَالَ: أَيُّ رَجُلٍ أَفْسَدُوا؟ قَالَ: لَوْ كَانَ لِسُفْيَانَ بَنَاتٌ أَفْسَدُوهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَفْسَدُونِي.

وَلَقِيَ سُفْيَانُ يُونُسَ بْنَ مِسْمَارٍ فَقَالَ: يَا يُوسُفُ: أَسْمَنْتَ الْبِرْذَوْنَ وَأَهْزَلْتَ الدِّينَ، فَقَالَ: أَنَا أَنْفَعُ لِلنَّاسِ مِنْكَ، أَتَكَلَّمُ فِي الْمَحْبُوسِ فَيُطْلَقُ، ويجيء الْمَلْهُوفُ فَأُعِينُهُ، وَأَتَكَلَّمُ فِي الْحَمَّالَةِ، وَأَسْعَى فِي الأمور، قال: وكان سفيان إذ لَقِيَهُ بَعْدُ سَلَّمَ عَلَيْهِ.

وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الْقَارِئَ، يَعْنِي الْمُتَزَهِّدَ، يَلُوذُ بِالسُّلْطَانِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصٌّ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ يَلُوذُ بِالأَغْنِيَاءِ فاعلم أنه مرائي، فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ بِقَوْلِ: أَرُدُّ مَظْلَمَةً، وَأَدْفَعُ عَنْ مَظْلُومٍ، فَإِنَّ هَذِهِ خُدْعَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ اتَّخذها فجّار القراء سلَّمًا5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015