وَقَدْ سَاقَ صَاحِبُ الأَغَانِي لِبَشَّارٍ ستَّةً وَعِشْرِينَ جَدًّا كُلُّهُمْ أَعَاجِمُ، وَأَسْمَاؤُهُمْ فَارِسِيَّةٌ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ من طخارستان من سبي الملَّهب بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَوُلِدَ بشَّار عَلَى الرِّقّ فَأَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ.
وَكَانَ جَاحِظَ الْحَدَقَتَيْنِ، قَدْ يَغْشَاهُمَا لَحْمٌ أَحْمَرُ، وَكَانَ عَظِيمَ الْخِلْقَةِ.
وَيُقَالُ: أَنَّهُ مَدَحَ المهديَّ فَاتَّهَمَهُ بالزَّندقة، وَمَا هُوَ مِنْهَا بِبَعِيدٍ، فَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَ سبعين سوطًا، فمات منها.
ويقال عنه: إنّه كان يُفَضِّلُ النَّارَ، ويصوِّب رَأْيَ إِبْلِيسَ فِي امْتَنَاعِهِ مِنَ السُّجُودِ، وَيَقُولُ شِعْرًا:
الأَرْضُ مُظْلِمَةٌ وَالنَّارُ مُشْرِقَةٌ ... وَالنَّارُ مَعْبُودَةٌ مُذْ كَانَتِ النَّارُ
وَهُوَ الْقَائِلُ:
هَلْ تَعْلَمِينَ وَرَاءَ الْحُبِّ مَنْزِلَةً ... تُدْنِي إِلَيْكِ فَإِنَّ الحبَّ أَقْصَانِي
وَلَهُ:
أَنَا وَاللَّهِ أَشْتَهِي سِحْرَ عَيْنَيْكِ ... وَأَخْشَى مَصَارِعَ الْعُشَّاقِ
وَلَهُ:
يَا قَوْمُ أُذُنِي لِبَعْضِ الحيِّ عَاشِقَةٌ ... وَالأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ الْعَيْنِ أَحْيَانًا
وَلِأَبِي هِشَامٍ الْبَاهِلِيِّ، وَكَتَبَهَا عَلَى قَبْرِ حَمَّادٍ عَجْرَدٍ، وَبَشَّارٍ:
قَدْ تبع الأعمى قفا عجردٍ ... فأصبحا جارين في دار
صارا جَمِيعًا فِي يَدَيْ مَالِكٍ ... فِي النَّارِ، وَالْكَافِرُ في النار
قيل: إنّ بشّار قُتِلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً.
وَأَخْبَارُهُ تَامَّةٌ فِي كِتَابِ الأَغَانِي.
37- بَكْرُ بْنُ الأَسْوَدِ أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ الْبَصْرِيُّ1.
عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَنْهُ: وكيع، وهلال بن فيّاض، وغيرهما.