مَوْتُ الْمَهْدِيِّ وَخِلافَةُ الْهَادِي:
وَفِيهَا: خِلافَةُ الْهَادِي.
فِي المحرَّم سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى مَاسَبَذَانَ عَازِمًا عَلَى تَقْدِيمِ ابْنِهِ هَارُونَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَأَنْ يُؤَخِّرَ مُوسَى الْهَادِي، فَنَفَّذَ إِلَى مُوسَى فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَأْتِ، فهمَّ المهديُّ بِالْمَسِيرِ إِلَى جُرْجَانَ لِذَلِكَ، فَسَاقَ يَوْمًا خَلْفَ صَيْدٍ فَاقْتَحَمَ الصَّيد خَرِبةً، وَدَخَلَتِ الْكِلابُ خَلْفَهُ، وَتَبِعَهُمُ الْمَهْدِيُّ، فَدُقَّ ظَهْرُهُ فِي بَابِ الْخَرِبَةِ مَعَ شِدَّةِ سَوْقِ الْفَرَسِ، فَهَلَكَ لِسَاعَتِهِ1.
وَقِيلَ: بَلْ أَطْعَمُوهُ السُّم، سَقَتْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سُمًّا اتَّخَذَتْهُ لضرَّتها، فَمَدَّ يَدَهُ، وَفَزِعَتْ أَنْ تَقُولَ: هُوَ مَسْمُومٌ، وَكَانَ لُبًّا فِيمَا قِيلَ، وَقِيلَ: كَانَ إِنْجَاصًا، فَأَكَلَ وَصَاحَ: جَوْفِي، وَتَلِفَ مِنَ الْغَدِ، وعلِّقت الْمُسُوحُ عَلَى قِبَابِ حُرَمِهِ2.
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
رُحْنَ فِي الوشي وأصبحـ ... ـن عليهنّ المسوح
كلُّ نطَّاحٍ من الدّهـ ... ـر له يوم نطوح
لست بالباقي ولو عمـ ... ـرت مَا عمِّر نُوحُ
نُحْ عَلَى نَفْسِكَ يَا مسـ ... ـكين إِنْ كُنْتَ تَنُوحُ
مَاتَ لثمانٍ بَقَيْنَ مِنَ المحرَّم وَلَهُ ثَلاثٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الرَّشِيدُ وَدُفِنَ تَحْتَ جَوْزَةٍ، وَبَعَثُوا بِالْخَاتَمِ وَالْقَضِيبِ إِلَى مُوسَى الْهَادِي، فَرَكِبَ مِنْ وَقْتِهِ وَقَصَدَ الْعِرَاقَ، فَوَصَلَهَا فِي بضعةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَنَزَلَ بِقَصْرِ الْخُلْدِ3، وَكُتِبَ بِخِلافَتِهِ إِلَى الآفَاقِ.
التَّشْدِيدُ فِي طَلَبِ الزنادقة:
فيها اشْتَدَّ تطلُّب الْهَادِي للزَّنادقة، فَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً كَابْنِ بَاذَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ يَقْطِينَ، وَقَتَلَ يَعْقُوبَ بن الفضل ابن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ