فَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، وَأَنْ يُقَادَ بِهِ وَقَامَتِ البيَّنة، فَجَاءَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْعُقَيْلِيُّ فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى صَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ، كَذَبَ وَاللَّهِ، مَا قَتَلَ أَبَاهُ غَيْرِي، أَنَا قَتَلْتُهُ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ مَرْوَانَ.

فَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَهْدِيُّ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ لِكَوْنِهِ قَتَلَ الْمَذْكُورَ بِأَمْرِ مَرْوَانَ1.

تَجْيِيشُ الرُّومِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ:

وَفِيهَا جَاشَتِ الرُّومُ -لَعَنَهُمُ اللَّهُ- فبيَّتوا عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلُوا خَلْقًا2.

عِمَارَةُ الْمَهْدِيِّ طَرِيقَ مَكَّةَ:

وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِعِمَارَةِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَبَنَى بِهَا قُصُورًا، وَأَوْسَعَ مِنَ الْقُصُورِ الَّتِي أَنْشَأَهَا عمُّه السَّفاح، وعمل البرك، وجدّد للأميال، وَدَامَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَمَّ عَشْرَ سِنِينَ، وَأَمَرَ بِتَرْكِ الْمَقَاصِيرِ الَّتِي فِي جَوَامِعِ الإِسْلامِ، وَقَصَّرَ الْمَنَابِرَ وَصَيَّرَهَا عَلَى مِقْدَارِ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.

نَكْبَةُ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ:

وَفِيهَا انْحَطَّتْ رُتْبَةُ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى غَلَبَةَ الْمَوَالِي عَلَى الْمَهْدِيِّ نَظَرَ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَصَيَّرَهُمْ مِنْ جُلَسَاءِ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرَ كَلَّمَ الْمَهْدِيَّ فِي أَمْرٍ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلاءِ الأَرْبَعَةِ فِي ذَلِكَ الأَمْرِ، فَسَكَتَ الْوَزِيرُ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِإِبْعَادِهِ عَنِ الْمَهْدِيِّ4.

وَكَانَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ذَا تيهٍ وكبرٍ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ مِنَ الْحَجِّ جَاءَهُ مُسَلِّمًا، فَلَمْ يَنْهَضْ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ لَهُ، فَتَأَلَّمَ وَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ، إِلا أَنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ حَاذِقًا بالتصرُّف، كافيًا، ناصحًا لمخدومه، عفيفًا، ويرمى بالقدر5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015