قَالَ: وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ إِلا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ -وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ وَأَفْضَلَ- وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مَعْنٍ. قُلْتُ: وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا الزَّيَّاتُ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ، وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ أَحْقَرَ مِنْهُمْ عِنْدَهُ مع فقره وحاجته.
وروى علي بن عثمان عن أبيه قال: قيل للأعمش أَلا تَمُوتُ فَنُحَدِّثُ عَنْكَ، فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبِّ أَصْبَهَانِيٍّ قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَ عَلَى زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَزِرٍّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَنَّهُ عَرَضَ أَيْضًا عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَجَمَاعَةٍ.
وَأَخْبَرَنَا بِيبَرْسُ التُّرْكِيُّ بِحَلَبٍ وَأَيُّوبُ الأَسَدِيُّ بِدِمَشْقَ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ بِبَغْدَادَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ أَنَا طَرَّارٌ أَنَا عَلِيٌّ الْعِيسَوِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ثنا الْعُطَارِدِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بَالَ فَغَسَلَ ذَكَرَهُ غُسْلا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى بِنَا وَحَدَّثَنَا فَجَاءَ بَيْتَهُ. هَذَا حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ1.
وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ، خِمَارًا فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَيَّ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقْضِهَا فَلا تَغْضَبْ عَلَيَّ، قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي، قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ، قَالَ: لا أَفْعَلُ.
وَقَالَ عَلَيُّ بْنُ سَعِيدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مَنْصُورٌ أَثْبَتُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَفِي حديث الأعمش اضطرب كَثِيرٌ2.
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاغَنْدِيِّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم فقلت: يا رسول اللَّه أيّما أَثْبَتُ فِي الْحَدِيثِ مَنْصُورٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟ فَقَالَ: مَنْصُورٌ مَنْصُورٌ.
وَقَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: لَوْلا الشُّهْرَةَ لَصَلَّيْتُ الْفَجْرَ ثُمَّ تَسَحَّرْتُ.
قُلْتُ: هَذَا كَانَ مَذْهَبُ الأَعْمَشِ وَهُوَ عَلَى الَّذِي روى النسائي في حَدِيثِ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ هُوَ النَّهَارُ إِلا أَنَّ الشَّمْسَ لم تطلع.