الْحَقَّ حَقُّنَا، وَإِنَّمَا ادَّعَيْتُمْ هَذَا الأَمْرَ بِنَا، ثُمَّ ذَكَرَ شَرَفَهُ وَأُبُوَّتَهُ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: فَأَنَا ابْنُ أَرْفَعِ النَّاسِ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ، وَابْنُ أَهْوَنِهِمْ عَذَابًا فِي النَّارِ، وَأَنَا ابْنُ خَيْرِ الأَخْيَارِ، وَابْنُ خَيْرِ الأَشْرَارِ، وَابْنُ خَيْرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَابْنُ خَيْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنَا أَوْفَى بِالْعَهْدِ مِنْكَ لِأَنَّكَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَهْدِ وَالأَمَانِ مَا أَعْطَيْتَهُ رِجَالا قَبْلِي، فَأَيَّ الأَمَانَاتِ تُعْطِينِي! أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ، أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ. فَأَجَابَهُ الْمَنْصُورُ1: جَلَّ فَخَرَكَ بِقَرَابَةِ النِّسَاءِ، لِتَضِلَّ بِهِ الْغَوْغَاءُ، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ النِّسَاءَ كَالْعُمُومَةِ بَلْ جَعَلَ الْعَمَّ أَبًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ كَذَا فَأَمْرُهُ كَذَا, وَلَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ أَعْمَامٌ أَرْبَعَةٌ فَأَجَابَ اثْنَانِ، أَحَدُهُمَا أَبِي, وَأَبَى اثنان، أحدهم أَبُوكَ، فَقَطَعَ اللَّهُ وِلايَتَهُمَا مِنْهُ، وَلا يَنْبَغِي لَكَ وَلا لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَفْخَرَ بِأَهْلِ النَّارِ. وَفَخْرُكَ بِأَنَّكَ لَمْ تَلِدْكَ أَمَةٌ فَتَعَدَّيْتَ طَوْرَكَ وفخرت على من هو خير منك إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَمَا خِيَارُ بَنِي أَبِيكَ إِلا بَنُو إِمَاءٍ، مَا وُلِدَ فِيكُمْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَهُوَ لأُمِّ وَلَدٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ جَدِّكَ، وَمَا كَانَ فِيكُمْ بَعْدَهُ مِثْلُ ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَدَّتُهُ أَمُّ وَلَدٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِيكَ، وَلا مِثْلُ ابْنِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّكُمْ بَنُو رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَلَكِنَّكُمْ بَنُو ابْنَتِهِ، وَأَمَّا مَا فَخَرْتَ بِهِ مِنْ عَلِيٍّ، وَسَابِقَتِهِ، فَقَدْ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ الْوَفَاةُ فَأَمَّرَ غَيْرَهُ بِالصَّلاةِ، ثُمَّ أَخَذَ الناس رجل بعد رجل فلم يأخذوه، كان فِي سِتَّةِ أَهْلِ الشُّورَى فَتَرَكُوهُ، ثُمَّ قُتِلَ عُثْمَانُ وَهُوَ بِهِ مُتَّهمٌ، وَقَاتَلَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَأَبَى سَعْدٌ بَيْعَتَهُ وَأَغْلَقَ دُونَهُ بَابَهُ، ثُمَّ طَلَبَهَا بِكُلِّ وَجْهٍ، وَقَاتَلَ عَلَيْهَا، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ عَسْكَرُهُ، وَشَكَّ فِيهِ شِيعَتُهُ قَبْلَ الْحُكُومَةِ، ثُمَّ حَكَّمَ حَكَمَيْنِ رَضِيَ بِهِمَا وَأَعْطَاهُمَا عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ، فَاجْتَمَعَا عَلَى خَلْعِهِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ حَسَنٌ فَبَاعَهَا مِنْ مُعَاوِيَةَ بِدَرَاهِمَ وَثِيَابٍ وَلَحِقَ بِالْحِجَازِ، وَأَسْلَمَ شِيعَتَهُ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ وَدَفَعَ الأَمْرَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَأَخَذَ مَالا مِنْ غَيْرِ وَلائِهِ2، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَقَدْ بِعْتُمُوهُ. ثم خرج الحسين بن عَلِيٍّ عَلَى ابْنِ مَرْجَانَةَ فَكَانَ النَّاسُ مَعَهُ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ, ثُمَّ خَرَجْتُمْ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَقَتَلُوكُمْ وَصَلَّبُوكُمْ حَتَّى قُتِلَ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَلِيٍّ بِخُرَاسَانَ، وَقَتَلُوا رِجَالَكُمْ وَأَسَرُوا الصِّبْيَةَ وَالنِّسَاءَ، وَحَمَلُوكُمْ بِلا وِطَاءٍ فِي الْمَحَامِلِ إلى الشام حتى