377- يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1 بْنِ مَرْوَانَ أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.

الْمُلَقَّبُ بِالنَّاقِصِ لِكَوْنِهِ نَقَصَ الْجُنْدَ مِنْ أَعْطِيَاتِهِمْ، تَوَثَّبَ عَلَى الْخِلافَةِ وَتَمَّ لَهُ ذَاكَ وَقَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ الْوَلِيدَ كَمَا ذَكَرْنَا. وَتَمَلَّكَ أَوَّلا دِمَشْقَ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأَخِرَةِ.

حَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ قُتَيْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ ظَفَرَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ بِابْنَتَيْ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجَرْدَ فَبَعَثَ بِهِمَا إِلَى الْحَجَّاجِ فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ بِإِحَدَاهُمَا وَهِيَ شاه فرند إِلَى الْوَلِيدِ فَأَوْلَدَهَا يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ.

وَفَيْرُوزُ هَذَا هُوَ ابْنُ بِنْتِ شِيرَوَيْهِ بْنِ كِسْرَى، وَأُمُّ شِيرَوَيْهِ ابْنَةُ خَاقَانَ مَلِكِ التُّرْكِ، وَأُمُّهَا - أَعْنِي أُمَّ فَيْرُوزَ - هِيَ بِنْتُ قَيْصَرَ عَظِيمِ الرُّومِ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ: يَزِيدُ وَيَفْتَخِرُ:

أَنَا ابْنُ كِسْرَى وَأَبِي فَمَرْوَانُ ... وَقَيْصَرُ جَدِّي وَجَدِّي خَاقَانُ2

قَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَامَ خَطِيبًا عِنْدَ قَتْلِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ أَشِرًا وَلا بَطِرًا وَلا حِرْصًا عَلَى الدَّنْيَا، وَلا رَغْبَةً فِي الْمُلْكِ، وَإِنِّي لَظَلُومٌ لِنَفْسِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي، وَلَكِنْ خَرَجْتُ غَضِبًا لِلَّهِ وَلِدِينِهِ، وَدَاعِيًا إِلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ حِينَ دَرَسَتْ معالم الهدى وطفيء نُورُ أَهْلِ التَّقْوَى، وَظَهَرَ الْجَبَّارُ الْمُسْتَحِلُّ لِلْحُرْمَةِ وَالرَّاكِبُ الْبِدْعَةِ3، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَشْفَقْتُ إِنْ غَشِيَتْكُمْ ظُلْمَةٌ لا تُقْلِعَ عَنْكُمْ عَلَى كَثْرَةٍ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَقَسْوَةٍ مِنْ قُلُوبِكُمْ، وَأَشْفَقْتُ أَنْ يَدْعُو كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَيُجِيبُهُ، فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ فِي أَمْرِي وَدَعَوْتُ مَنْ أَجَابَنِي مِنْ أَهْلِي وَأَهْلِ وِلايَتِي، فَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ البِّلادَ وَالْعِبَادَ وِلايَةٌ مِنَ اللَّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي إِنْ وَلِيتُ أُمُورَكُمْ أَنْ لا أَضَعُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلا حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، وَلا أَنْقُلُ مَالا مِنْ بَلَدٍ حَتَّى أَسُدَّ ثَغْرَهُ وَأُقَسِّمَ بَيْنَ مَسَالِحِهِ مَا يَقْوُونَ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ رَدَدْتُهُ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى تَسْتَقِيمَ الْعِيشَةُ وَتَكُونَ فِيهِ سَوَاءً فَإِنْ أَرَدْتُمْ بَيْعَتِي عَلَى الَّذِي بَذَلْتُ لَكُمْ فَأَنَا لَكُمْ، وَإِنْ مِلْتُ فَلا بَيْعَةَ لِي عَلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا أَقْوَى مني عليها فأردتم بيعته أنا أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُ وَيَدْخُلُ فِي طَاعَتِهِ، وَأَسْتَغْفِرُ الله لي ولكم4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015