أراك على الباقين تجني ضغينة ... فيا ويحهم إنْ مُتَّ مِنْ شَرِّ مَا تَجْنِي

كَأَنِّي بِهِمْ يَوْمًا وَأَكْثَرُ قِيلِهِمْ ... أَلا لَيْتَ أَنَا حِينَ يَا لَيْتَ لا تُغْنِي1

قَالُوا: وَتَسَلَّمَ الأَمْرَ الْوَلِيدُ فِي رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ عِنْدَ مَوْتِ هِشَامٍ.

قَالَ حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ الْوَلِيدِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُنَجِّمَانِ فَقَالا: نَظَرْنَا فِيمَا أَمَرْتَنَا فَوَجَدْنَاكَ تَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ، قَالَ حَمَّادٌ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَخْدَعَهُ فَقُلْتُ: كَذَبَا وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالآثَارِ وَضُرُوبِ الْعِلْمِ وَقَدْ نَظَرْنَا فِي هَذَا وَالنَّاسِ فَوَجَدْنَاكَ تَمْلِكُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: لا مَا قَالا يَكْسِرُنِي وَلا مَا قُلْتَ يُغِرَّنِي وَاللَّهِ لأَجْبِيَنَّ هَذَا الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ جِبَايَةَ مَنْ يَعِيشُ الأَبَدَ وَلأَصْرِفَنَّهُ فِي حَقِّهِ صَرْفَ مَنْ يَمُوتُ الْغَدَ2.

قَالَ الْعُتْبِيُّ: كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ رَأَى نَصْرَانِيَّةً اسْمَهَا سَفْرَى فَجُنَّ بِهَا وَجَعَلَ يَرَاسِلُهَا وَتَأْبَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَرُبَ عِيدُ النَّصَارَى, فَبَلَغَهُ أنَهَّا تَخْرُجُ فِيهِ إِلَى بُسْتَانٍ يَدْخُلُهُ النِّسَاءُ فصانع الوليد صاحب البستان وتقشف الوليد وَتَنَكَّرَ وَدَخَلَتْ سفرى البستان فجعلت تمشي حتى انتهت إليه, فقالت لصاحب البستان: من هذا؟ قَالَ: رَجُلٌ مُصَابٌ، فَأَخَذَتْ تُمَازِحُهُ وَتُضَاحِكُهُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: تَدْرِينَ مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ؟ قَالَتْ: لا، فَقِيلَ لَهَا: هُوَ الْوَلِيدُ، فَجُنَّتْ بِهِ بَعْد ذَلِكَ فَكَانَتْ عَلَيْهِ أَحْرَصُ مِنْهُ عَلَيْهَا فَقَالَ:

أَضْحَى فُؤَادُكَ يَا وَلِيدُ عَمِيدًا ... صَبًّا قَدِيمًا لِلْحِسَانِ صَيُودًا

مِنْ حُبِّ وَاضِحةِ الْعَوَارِضِ طِفْلَةٌ ... بَرَزَتْ لَنَا نَحْوَ الْكَنِيسَةِ عِيدًا

مَا زِلْتُ أَرْمُقُهَا بِعَيْنِي وَامِقٍ ... حَتَّى بَصُرْتُ بِهَا تُقَبِّلُ عُودًا

عُودَ الصَّليِبِ فَوَيحَ نَفْسِي مَنْ رَأى ... مِنْكُمْ صَلِيبًا مِثْلَهُ مَعْبُودًا

فَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ أَكُونَ مَكَانَهُ ... وَأَكُونَ فِي لَهَبِ الْجَحِيمِ وَقُودًا3

قَالَ الْمُعَافِيُّ الْجُرَيْرِيُّ: كُنْتُ جَمَعْتُ مِنْ أَخْبَارِ الْوَلِيدِ شَيْئًا وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي ضَمَّنَهُ مَا فَخَرَ بِهِ مِنْ خَرْقِهِ وَسَخَافَتِهِ وَخَسَارَتِهِ وَحُمْقِهِ وَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنَ الإِلْحَادِ فِي القرآن والكفر بالله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015