فغضب هشام -وكان أحْوَل- فَقَالَ: أَخْرِجوا هذا، ثم بعد مدة أدخلت عليه، فقالت: أَلَك أهلٌ؟ قُلْتُ: نعم، وابنتان، قَالَ: هَلْ زوَّجْتَهُما؟ قُلْتُ: إحداهما، قَالَ: فما أوصَيْتَها؟ قُلْتُ:
أوصيت من برة قلبا حرا ... بالكلب خيرا والحماة شرا
لا تسأمي خنقا لها وجرا ... والحيُّ عُمِّيهم بشرٍ طُرَّا
وإنْ حَبَوُكِ ذَهَبًا ودُرًّا ... حتى يَرَوْا حُلْوَ الحياةِ مُرّا
فضحك هشام حتى استلقى وقَالَ: ما هذه، وصيَّةُ يعقوب بَنِيه! قُلْتُ: يا أمير المؤمنين، ولا أَنَا مثل يعقوب عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: فما زِدْتَها؟ قُلْتُ:
سبي الحماة وابْهَتِي عليها ... وإنْ دَنَتْ فازْدَلِفي إليها
واقْرَعي بالفِهْرِ مِرْفَقَيْها ... وظاهِري اليد بِهِ عَلَيْهَا
لا تُخْبِري الدَّهْرَ بِهِ ابنَتَيْها
وقال: فما فعلت أختها؟ قُلْتُ: دَرَجَت بين أبيات الحيّ ونَفَعَتْنا، قَالَ: فما قُلْتُ فيها؟ قُلْتُ:
كأنّ ظَلامَةَ أختَ شَيْبانْ ... يتيمةٌ ووالداها حَيَّانْ
الرأسُ قملٌ كُلُّهُ وصئبان ... وليس في الرجلان إلا خَيْطانْ
فهي التي يَذْعر منها الشَّيْطَانْ
فَوَصَلني هشامُ بدنانير، وقَالَ: اجْعَلْها فِي رِجْلَيْ ظَلامَة. وهو القائل:
أَنَا أَبُو النَّجْم وشِعْري شعْري
"حرف القاف":
533- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن1 -خ4- بن عَبْد اللَّه بْن مسعود الْهُذَلَيُّ، أَبُو عَبْد الرحمن الفقيه، قاضي الكوفة، وكان ممّن لم يأخذ عَلَى القضاء رِزْقًا، وهو أخو مَعَن، رَوى عَنْ أبيه، وابن عمر، وجابر بن سمرة، ومسروق، وغيرهم، وعنه