بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، قال: وَكَانَ هَؤُلاءِ يَأْتُونَ بِالْحَدِيثِ بِحُرُوفِهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، يَأْتُونَ بِالْمَعَانِي1.
وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يُجْرِي عَلَى رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ثَلاثِينَ دِينَارًا فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَلَمَّا وُلِّيَ هِشَامٌ الْخِلافَةَ قَطَعَهَا، فَرَأَى أَبَاهُ فِي النَّوْمِ يُعَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجْرَاهَا، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ الأَزْدِيُّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى بَابِ سليمان بن عبد الملك، إذا أَتَانِي رَجُلٌ لَمْ أَرَهُ قَبْلَ وَلا بَعْدَ، فَقَالَ: يَا رَجَاءُ، إِنَّكَ قَدِ ابْتُلِيتَ بِهَذَا وَابْتُلِيَ بِكَ فَعَلَيْكَ بِالْمَعْرُوفِ وَعَوْنِ الضَّعِيفِ، يَا رَجَاءُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنْ سُلْطَانٍ، فَرَفَعَ حَاجَةَ ضعيفٍ لا يَسْتَطِيعُ رَفْعَهَا، لَقِيَ اللَّهَ، وَقَدْ شَدَّ قَدَمَيْهِ لِلْحِسَابِ بَيْنَ يَدَيْهِ2.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ بإسنادٍ فِيهِ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ: قِيلَ لِرَجَاءٍ: إِنَّكَ كُنْتَ تَأْتِي السُّلْطَانَ فتركتهم! قال: يكفيني لذي أَدَعُهُمْ لَهُ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، فَكَانَ يَدْعُو بَعْدَ الصُّبْحِ بِدَعَوَاتٍ، قَالَ: فَغَابَ، فَتَكَلَّمَ رجلٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ، فَقَالَ رَجَاءٌ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا يَا أَبَا الْمِقْدَامِ، فَقَالَ: اسْكُتْ، فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَسْمَعَ الْخَيْرَ إِلا مِنْ أَهْلِهِ.
وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الْقَارِئُ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، فَتَذَاكَرْنَا شُكْرَ النِّعَمِ، فَقَالَ: مَا أَحَدٌ يَقُومُ بِشُكْرِ نعمةٍ وَخَلْفُنَا رجلٌ عَلَى رَأْسِهِ كِسَاءٌ، فَقَالَ: وَلا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فقلنا: وما ذكر أمير المؤنين هُنَا! وَإِنَّمَا هُوَ رجلٌ مِنَ النَّاسِ، فَغَفَلْنَا عَنْهُ، فَالْتَفَتَ رَجَاءٌ فَلَمْ يَرَهُ، فَقَالَ: أَتَيْتُمْ مِنْ صَاحِبِ الْكِسَاءِ، وَلَكِنْ إِنْ دُعِيتُمْ فَاسْتُحْلِفْتُمْ فَاحْلِفُوا، فَمَا عَلِمْنَا إِلا بِحَرَسِيٍّ قَدْ أَقْبَلَ، فَقَالَ: أَجِيبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَتَيْنَا بَابَ هِشَامٍ، فَأَذِنَ لِرَجَاءٍ وَحْدَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هَيْهَ يَا رَجَاءُ، يُذْكَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلا تَحْتَجَّ لَهُ! قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ذَكَرْتُمْ شُكْرَ النِّعَمِ، فَقُلْتُمْ: مَا أحدٌ يَقُومُ بِشُكْرِهَا، قِيلَ لَكُمْ: وَلا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقُلْتَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رجلٌ مِنَ النَّاسِ، فَقُلْتُ: لَمْ يَكُنْ ذَاكَ، قَالَ: آللَّهِ، قُلْتُ: آللَّهِ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ السَّاعِي، فَضُرِبَ سَبْعِينَ سَوْطًا، وَخَرَجَ وَهُوَ مُتَلَوِّثٌ فِي دَمِهِ، فَقَالَ: هَذَا وَأَنْتَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ! فَقُلْتُ: سَبْعُونَ سوطًا في ظهرك،