وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ زُهَيْرٍ الأَقْطَعِ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ مَاتَ كُلُّ عضوٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ1. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَعْظَمَ رَجَاءً لِأَهْلِ الإِسْلامِ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلا رَأَيْتُ أَسْخَى مِنْهُ، وقال مهدي بن ميمون: رأيت ابن سيرين يَتَكَلَّمُ بِأَحَادِيثَ النَّاسِ وَيُنْشِدُ الشِّعْرَ وَيَضْحَكُ حَتَّى يَمِيلَ، فَإِذَا جَاءَ الْحَدِيثَ مِنَ السُّنَّةِ كَلِحَ وَتَقَبَّضَ.
وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُمْ إِلا خَوْفَ الشُّهْرَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِي الْبَلاءُ حَتَّى أَخَذَ بِلِحْيَتِي، فَأَقَمْتُ عَلَى الْمَصْطَبَةِ، فَقِيلَ: هَذَا ابْنُ سِيرِينَ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ، قَالَ: وَكَانَ عَلَيْهِ دينٌ كَثِيرٌ2.
وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّهُ اشْتَرَى زَيْتًا بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً فَبَدَرَهُ. قُلْتُ: شَكٌّ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْفَأْرَةَ فِي زقٍ وَقَالَ: الْفَأْرَةُ كَانَتْ فِي الْمَعْصَرَةِ.
قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ صَاحِبُ ضَحِكٍ وَمِزَاحٍ، وقال هشيم بن مَنْصُورٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَضْحَكُ حَتَّى تَدْمَعَ عَيْنَاهُ، وَكَانَ الْحَسَنُ يُحَدِّثُنَا وَيَبْكِي.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، فَوُضِعَتِ الْجَنَازَةُ وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ صِهْرِيجًا يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالُوا: يَتَوَضَّأُ، قَالَ: صَبًّا صَبًّا، دَلْكًا دلْكًا، عذابٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِهِ.
قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أَنْبَأَ ابْنُ عَوْنٍ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَنْهَى عَنِ الْجِدَالِ إِلا رَجَاءً إِنْ كَلَّمْتَهُ أَنْ يَرْجِعَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: كَاتَبَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَبِي أَبَا عَمْرَةَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ درهمٍ فَأَدَّاهَا.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ: هَذِهِ مُكَاتَبَةُ سِيرِينَ عِنْدَنَا، وَكَانَ قِنًّا. قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ ابن سِيرِينَ بِوَاسِطٍ، فَلَمْ أَرَ أَجْبَنَ عَنْ فُتْيَا وَلا أَجْرَأَ عَلَى رُؤْيَا مِنْهُ. قَالَ يُونُسُ بن عبيد: لم يكن يعرض لمحمد ابن سِيرِينَ أَمْرَانِ فِي دِينِهِ إِلا أَخَذَ بِأَوْثَقِهِمَا.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَتَّجِرُ، فَإِذَا ارْتَابَ فِي شيءٍ تَرَكَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَشَدَّ النَّاسِ إِزْرَاءً عَلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ غَالِبٌ الْقَطَّانُ: خُذُوا بِحِلْمِ ابْنِ سِيرِينَ، وَلا تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الْحَسَنِ.