فَيَصْحَبَهُ ذئبٌ وثعلبٌ، فَاصْطَادُوا حِمَارَ وحشٍ وَتَيْسًا وأرنبًا، فقال الأسد للذئب: ومن يَكُونُ الْقَاضِي؟ فَقَالَ: وَمَا الْحَاجَةُ إِلَيْهِ! الْحِمَارُ لَكَ، وَالتَّيْسُ لِي، وَالأَرْنَبُ لِلثَّعْلَبِ، فَضَرَبَهُ الأَسَدُ ضَرْبَةً وَضَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلثَّعْلَبِ: مَنْ يُقَسِّمُ هَذَا؟ قَالَ: أَنْتَ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ، أَنَا الأَمِيرُ، وَأَنْتَ الْقَاضِي، قَالَ: فَالْحِمَارُ لِغَدَائِكَ، وَالتَّيْسُ لِعَشَائِكَ، وَالأَرْنَبُ تَتَفَكَّهُ بِهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا أَبَا الْحُصَيْنِ، مَا أَعْدَلَكَ مَنْ عَلَّمَكَ الْقَضَاءَ؟ قَالَ: عَلَّمَنِيهِ رَأْسُ الذِّئْبِ، فَالشَّيْخُ الْمَضْرُوبُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَ هَؤُلاءِ. فَضَحِكَ الْحَجَّاجُ، وَوَصَلَ الْمَضْرُوبَ، وَخَلَّى سَبِيلَ مَالِكٍ.

رَوَاهَا أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَمَّنْ شَهِدَ الْحَجَّاجَ.

وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بإسنادٍ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ يُنْشِدُ قَوْلَ مَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ:

يَا مُنَزِّلَ الْغَيْثَ بَعْدَمَا قَنِطُوا ... وَيَا وَلِيَّ النَّعْمَاءِ وَالْمِنَنِ

يَكُونُ مَا شَئْتَ أَنْ يَكُونَ وَمَا ... قَدَّرْتَ أَنْ لا يَكُونَ لَمْ يَكُنِ

لَوْ شِئْتَ إِذْ كَانَ حُبُّهَا عَرَضًا ... لَمْ تَرَنِي وَجْهَهَا وَلَمْ تَرَنِي

يَا جَارَةَ الْحَيِّ كُنْتِ لِي سَكَنًا ... وَلَيْسَ بَعْضُ الْجِيرَانِ بِالسَّكَنِ

أَذْكُرُ مِنْ جَارَتِي وَمَجْلِسِهَا ... طَرَائِفًا مِنْ حَدِيثِهَا الْحَسَنِ

وَمِنْ حَدِيثِ يَزِيدُنِي مِقَةً ... مَا لِحَدِيثِ الْمَحْبُوبِ مِنْ ثَمَنِ

ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَّاجُ: فَضَّ اللَّهُ فَاهُ مَا أَشْعَرَهُ.

قَالَ: مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ: رَأَى ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ رَجُلا فِي الطَّوَافِ قَدْ بَهَرَ النَّاسَ بِحُسْنِهِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ الْفَزَارِيُّ، فَجَاءَهُ وَعَانَقَهُ وَقَالَ: أَنْتَ أَخِي، قَالَ: فَمَنْ أَنَا وَمَنْ أَنْتَ.

رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ رَجُلٍ، لِمَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ:

أَمُغَطَّى مِنِّي عَلَى بصري بالـ ... ـحب أَمْ أَنْتِ أَكْمَلُ النَّاسِ حُسْنَا

وحديثٍ أَلَذَّهُ هُوَ مِمَّا ... تَشْتَهِيهِ النُّفُوسُ يُوزَنُ وَزْنَا

منطقٌ صائبٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَا ... نًا وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كان لحنًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015