مِنْ وجهٍ آخَرَ، وَأَنَّ الرَّائِيَ عُمَرَ نَفْسَهُ. قال ميمون ابن مِهْرَانَ: إِنَّ اللَّهَ يَتَعَاهَدُ النَّاسَ بنبيٍ بَعْدَ نبي، إن اللَّهَ تَعَاهَدَ النَّاسَ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَكَى، فَقَالَ: يَا أَبَا فُلانُ أَتَخْشَى عَلَيَّ؟ قَالَ: كَيْفَ حُبُّكَ لِلدِّرْهَمِ؟ قَالَ: لا أُحِبُّهُ، قَالَ: لا تَخَفْ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُعِينُكَ.
جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مَرْوَانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ لَهُ فَدَكٌ يُنْفِقُ مِنْهَا، وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِيرِ بَنِيهِمْ، وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ، وَإِنَّ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنهما- سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا، فَأَبَى، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَيَاةُ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ، قَالَ: ثُمَّ أَقْطَعَهَا مَرْوَانُ، ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَرَأَيْتُ أَمْرًا مَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ، لَيْسَ لِي بحقٍ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ إِنِّي قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَدَأَ بِلُحْمَتِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَأَخَذَ ما بأيديهم، وسمى أموالهم مظالم، ففرغت بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى عَمَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مَرْوَانَ، فَأَتَتْهُ لَيْلا، فَأَنْزَلَهَا عَنْ دَابَّتِهَا، فَلَمَّا أَخَذَتْ مَجْلِسَهَا قَالَ: يَا عَمَّةُ أَنْتِ أَوْلَى بِالْكَلامِ فَتَكَلَّمِي، قَالَتْ: تَكَلَّمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ رَحْمَةً، ثُمَّ اخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ، فَقَبَضَهُ اللَّهُ، وَتَرَكَ لَهُمْ نَهْرًا شُرْبُهُمْ سواءٌ، ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَتَرَكَ النَّهْرَ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ وُلِّيَ عُمَرُ فَعَمِلَ عَمَلَ صَاحبِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ النَّهْرُ يَشُقُّ مِنْهُ يَزِيدُ، وَمَرْوَانُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَالْوَلِيدُ، وَسُلَيْمَانُ، حَتَّى أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيَّ، وَقَدْ يَبِسَ النَّهْرُ الأَعْظَمُ، وَلَنْ يُرْوَى أَصْحَابُ النَّهْرِ الأَعْظَمِ حَتَّى يَعُودَ النَّهْرُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: حَسْبُكَ قَدْ أَرَدْتُ كَلامَكَ وَمُذَاكَرَتَكَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مَقَالَتُكَ هَذِهِ فَلَسْتُ بذاكرةٍ لَكَ شَيْئًا، فَرَجَعْت إِلَيْهِمْ فَأَبْلَغَتْهُمْ كَلامَهُ.
هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: لَوْ أَقَمْتُ فِيكُمْ خَمْسِينَ عَامًا مَا اسْتَكْمَلْتُ فِيكُمُ الْعَدْلَ، إِنِّي لَأُرِيدُ الأَمْرَ فَأَخَافُ أَنْ لا تَحْمِلَهُ قُلُوبُكُمْ، فَأُخْرِجُ مِنْهُ طَمَعًا مِنْ طَمَعِ الدُّنْيَا، فَإِنْ أَنْكَرَتْ قُلُوبُكُمْ هَذَا سَكَنَتْ إِلَى هَذَا.