قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: ثَنَا أَبُو الْغَرَّافِ قَالَ: دَخَلَ جَرِيرٌ عَلَى الْوَلِيدِ وَعِنْدَهُ ابْنُ الرِّقَاعِ، فَقَالَ لِجَرِيرٍ: أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: لا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: هَذَا رَجُلُ مِنْ عَامِلَةَ، قَالَ: الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 3-4] ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ.
يَقْصُرُ بَاعُ الْعَامِلِيِّ عَنِ الْعُلا ... وَلَكِنَّ أَيْرَ الْعَامِلِيَّ طَوِيلُ
فَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ:
أَأُمُّكَ يَا ذَا خَبَّرَتْكَ بِطُولِهِ ... أَمْ أَنْتَ أمرؤٌ لَمْ تَدْرِ كَيْفَ تَقُولُ
فَقَالَ: لا، بَلْ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ أَقُولُ، فَوَثَبَ ابْنُ الرِّقَاعِ إِلَى الْوَلِيدِ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ، وَقَالَ أَجِرْنِي مِنْهُ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: لَئِنْ سَمَّيْتَهُ لَأُسْرِجَنَّكَ وَلأَلْجُمَنَّكَ وَلَيَرْكَبَنَّكَ فَتُعَيِّرُكُ الشُّعَرَاءُ بِذَلِكَ.
175- عَدِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَمَّارِ1 الْعَبَّادِيُّ التَّمِيمِيُّ الشَّاعِرُ: جَاهِلِيٌّ نَصْرَانِيٌّ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، ذَكَرْتُهُ هُنَا تَمْيِيزًا لَهُ مِنَ ابْنِ الرِّقَاعِ الْعَامِلِيِّ، وَأَظُنُّهُ مَاتَ قَبْلَ الإِسْلامِ أَوْ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ فِي الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ: هُمْ أَرْبَعَةُ فُحُولٍ: طُرْفَةُ بْنُ الْعَبْدِ، وَعُبَيْدُ بْنُ الأَبْرَصِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ، وَعَدِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَبُو الْفَرَجِ صَاحِبُ "الْأَغَانِي" فَقَالَ: ابْنُ الْخُمَارِ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ.
رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ خَالِد بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: أَوْفَدَنِي يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي وَفْدِ الْعِرَاقِ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: هات يا بن صَفْوَانَ، قُلْتُ: إِنَّ مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ خَرَجَ مُتَنَزِّهًا فِي عامٍ مِثْلَ عَامِنَا هَذَا إِلَى الْخَوَرْنَقِ، وَكَانَ ذَا عِلْمٍ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالْغَلَبَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ لِجُلَسَائِهِ لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: لِلْمَلِكِ، قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا أُعْطِيَ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ؟ قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَقَايَا حَمَلَةِ الْحُجَّةِ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ عَنْ أمرٍ أَفَتَأْذَنُ لِي بِالْجَوَابِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ مَا أَنْتَ فِيهِ، أشيءٌ لَمْ تَزَلْ فِيهِ أَمْ شيءٌ صَارَ إِلَيْكَ مِيرَاثًا، وَهُوَ زائلٌ عَنْكَ إِلَى غَيْرِكَ، كَمَا صَارَ إِلَيْكَ؟ قَالَ: كَذَا هُوَ، قَالَ: فَتَعَجَّبَ بشيءٍ يَسِيرٍ لا تَكُونُ فِيهِ إِلا قَلِيلا وَتُنْقَلُ عَنْهُ طَوِيلا، فَيَكُونُ عَلَيْكَ حِسَابًا، قَالَ: وَيْحُكَ فَأَيْنَ المهرب، وأين المطلب؟ وأخذته