وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الدِّينَارِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَفِي الْوَجْهِ الآخَرِ: "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"، وَطَوَّقَهُ بِطَوْقٍ فِضَّةٍ، وَكَتَبَ فِيهِ ضُرِبَ بِمَدِينَةِ كَذَا، وَكَتَبَ فِي خَارِجِ الطَّوْقِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: لَحَنَ جليسٌ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ رَجُلٌ: زد ألف، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَنْتَ فَزِدْ أَلْفًا.

وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِذَا قَعَدَ لِلْحُكْمِ قَيِمَ عَلَى رَأْسِهِ بِالسُّيُوفِ.

وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حرب الزيادي قال: قيل لعبد الملك ابن مَرْوَانَ: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ؟ قَالَ: مَنْ تَوَاضَعَ عَنْ رفعةٍ وَزَهِدَ عَنْ قُدْرَةٍ، وَأَنْصَفَ عَنْ قُوَّةٍ.

وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ:

لعمري لَقَدْ عُمِّرْتُ فِي الدَّهْرِ بُرْهةً ... وَدَانَتْ لِيَ الدُّنْيَا بِوَقْعِ الْبَوَاتِرِ

فَأَضْحَى الَّذِي قَدْ كَانَ مِمَّا يَسُرُّنِي ... كَلَمْحٍ مَضَى فِي الْمُزْمِنَاتِ الْغَوَابِرِ

فَيَا لَيْتَنِي لَمْ أَعْنِ بِالْمُلْكِ سَاعَةً ... وَلَمْ أَلْهُ فِي لَذَّاتِ عيشٍ نَوَاضِرِ

وَكُنْتُ كَذِي طِمْرَيْنِ عَاشَ ببلغةٍ ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى زَارَ ضَنْكَ الْمَقَابِرِ

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ بِدِمَشْقَ، فَقَالَتْ لَهُ مَرَّةً: بَلَغَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ شَرِبْتَ الطِّلاءَ بَعْدَ النُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ، فَقَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، والدماء، قَدْ شَرِبْتُهَا.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ أَبْخَرَ، وَأَنَّهُ وُلِدَ لِسَتَّةِ أَشْهُرٍ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ فَاسِدَ الْفَمِ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: خَطَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي عِظَامٌ، وَإِنَّهَا صِغَارٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ، فاغفرها لِيَ يَا كَرِيمُ.

قَالُوا: تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ في شوال سنة ست وثماني، وَخِلافَتُهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا مِنْ وَسَطِ سَنَةِ ثلاثٍ وسبعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015