وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: افْتُقِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمَسْكِنَ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَاقْتَحَمَ بِهِمَا فَرَسَاهُمَا الْفُرَاتَ، فَذَهَبَا.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قُتِلَ بِوَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ.
94- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بن قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، أَمِيرُ سِجِسْتَانَ1.
قَدْ ذَكَرْنَا حُرُوبَهُ لِلْحَجَّاجِ، وَآخِرُ الأَمْرِ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الْمَلِكِ رُتْبِيلَ، فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو: لا أَدْخُلُ مَعَكَ لِأَنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ، وَكَأَنِّي بِكِتَابِ الْحَجَّاجِ قَدْ جَاءَ إِلَى رُتْبِيلَ يُرَغِّبُهُ وَيُرْهِبُهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ بَعَثَ بِكَ سَلْمًا أَوْ قَتَلَكَ، وَلَكِنْ هَا هُنَا خَمْسَمِائَةٍ قَدْ تَبَايَعْنَا عَلَى أَنْ نَدْخُلَ مَدِينَةً وَنَتَحَصَّنُ فِيهَا، وَنُقَاتِلُ حَتَّى نُعْطَى أَمَانًا أَوْ نَمُوتُ كِرَامًا، فَقَالَ: أَمَّا لَوْ دَخَلْتَ مَعِي لَوَاسَيْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ. فَأَبَى عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى رُتْبِيلَ، وَأَقَامَ الْخَمْسُمِائَةٍ حَتَّى قَدِمَ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ، فَقَاتَلُوا حَتَّى أَمَّنَهُمْ وَوَفَى لَهُمْ. وَتَتَابَعَتْ كُتُبُ الْحَجَّاجِ إلى رتبيل في شأن ابن الأشعث، إلا أَنْ بَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ، وَتَرَكَ لَهُ الْحِمْلَ الَّذِي كَانَ يُؤَدِّيهِ سَبْعَ سِنيِنَ.
وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَصَابَهُ سُلٌّ وَمَاتَ، فَقَطَعُوا رَأْسَهُ، وَبَعَثُوا بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ.
وَيُرْوَى أَنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَ إِلَى رُتْبِيلَ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ عُمَارَةَ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا يَطْلُبُونَ ابْنَ الأَشْعَثِ، فَأَبَى أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي سُبَيْعٍ، فَأَرْسَلَهُ مَرَّةً إِلَى رُتْبِيلَ، فَخَفَّ عَلَى رُتْبِيلَ، وَاخْتَصَّ بِهِ، فَقَالَ القاسم بن محمد بن الأشعث لأخيه: إِنِّي لا آمَنُ غَدْرَ هَذَا، فَاقْتُلْهُ، فَهَمَّ بِهِ، وَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَخَافَ، فَوَشَى بِهِ إِلَى رُتْبِيلَ، وَخَوَّفَهُ الْحَجَّاجَ، وَهَرَبَ سِرًّا إِلَى عُمَارَةَ، فاستعجل فِي ابْنِ الأَشْعَثِ أَلْفَ أَلْفٍ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ عُمَارَةُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْطِ عُبَيْدًا وَرُتْبِيلَ مَا طَلَبَا، فَاشْتَرَطَ أَشْيَاءَ فَأُعْطِيَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ وَإِلَى ثَلاثِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدْ أَعَدَّ لَهُمُ الْجَوَامِعَ وَالْقُيُودَ فَقَيَّدَهُمْ، وَأَرْسَلَهُمْ جَمِيعًا إِلَى عُمَارَةَ، فَلَمَّا قَرُبَ ابْنُ الأَشْعَثِ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ قصرٍ فَمَاتَ، وذلك في سنة أربعٍ وثمانين.