وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفْطَرَ اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِينَ بِالسَّمْنِ1.
وَرَوَى لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَا كَانَ بَابٌ فِي الْعِبَادَةِ يَعْجَزُ النَّاسُ عَنْهُ إِلا تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ الْبَيْتَ فَجَعَلَ يَطُوفُ سِبَاحَةً2.
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُنَازَعُ فِي شَجَاعَةٍ وَلا عِبَادَةٍ وَلا بَلاغَةٍ3.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْريُّ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وسعيد بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا الْقُرْآنَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ4.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنيًّا يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ صَيِّتًا، إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الْجَبَلانِ، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْعُنُقِ وَلِحْيَةٌ صَفْرَاءُ5.
وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا أَبِي وَالزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ قَالا: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيرٌ فِي عَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، يَعْنِي فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، وَرَأَيْتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيرٍ بَصُرْتُ بِهِ خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تُظِلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ ثَلاثِينَ فَارِسًا، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبِثُوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحَمَلْتُ وَقُلْتُ لِلثَّلاثِينَ: احْمُوا لِي ظَهْرِي، فَخَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَيْهِ، فَخَرَجْتُ صَامِدًا، وما يحسب هو وأصحابه إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَتَبَادَرَ بِرْذَونَةُ مُوَلِّيًا، فَأَدْرَكْتُهُ فَطَعَنْتُهُ، فسقط، ثم احتززت رأسه، فنصبته على رمحي،