الْمَدِينَةَ، وَكَانَ جَوَّادًا حَلِيمًا فِيهِ دِينٌ وَخَيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يُوَلِّي عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّةً مَرْوَانَ وَمَرَّةً الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَكَذَا وَلاهُ يَزِيدُ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ، وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، آخِرُهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الْوَلِيدُ رَجُلَ بَنِي عُتْبَةَ، وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا، تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ فَقَدِمَ عَلَيْهِ رَسُولُ يَزِيدَ، فَأَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا سِرًّا، فَقَالا: نُصْبِحُ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنْ خرجنا مِنْ عِنْدَكَ لَمْ نَرَهُمَا، فَنَافَرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَتَغَالَظَا حَتَّى تَوَاثَبَا، وَقَامَ الْوَلِيدُ يُحَجِّزُ بَيْنَهُمَا، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِيَدِ الْحُسَيْنِ وَقَالَ: امْضِ بِنَا، وَخَرَجَا، وَتَمَثَّلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
لا تَحْسبَنِّي يَا مُسَافِرُ شَحْمَةً ... تَعَجَّلَهَا مِنْ جَانِبِ الْقِدْرِ جَائِعُ
فَأَقْبَلَ مَرْوَانُ عَلَى الْوَلِيدِ يَلُومُهُ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ، مَا كُنْتُ لأَسْفِكُ دِمَاءَهُمَا، وَلا أَقْطَعُ أَرْحَامَهُمَا.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجَادٍ، وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَرَادُوا الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَأَبَى وَهَلَكَ تلك لليالي.
وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَطُعِنَ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ إِنَّهُ قَدِمَ للصة عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَصَابَهُ الطَّاعُونُ فِي صَلاتِهِ، عَلَيْهِ، فَلَمْ يُرْفَعْ إلا وَهُوَ مَيِّتٌ1.
"حرف الْيَاءِ":
121- يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ2 بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الحميري البصري الشاعر. كان أحد الشعراء الإسلاميين، وَكَانَ كَثِيرَ الْهَجْوِ وَالشَّرِّ لِلنَّاسِ.
فَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَرَادَ قَتْلَ ابْنِ مُفَرِّغٍ لِكَوْنِهِ هَجَا أَبَاهُ زِيَادًا ونِفَارُهُ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَمَنَعَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ قَتْلِهِ، وَقَالَ: أَدِّبْهُ: فَسَقَاهُ مُسْهِلا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى حِمَارٍ، وَطَوَّفَ بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي الأَسْوَاقِ عَلَى الحمار، فقال: