حَجَرُ الْمَنْجِنيقِ، ضُرِبَ الْبَيْتُ فَانْفَلَقَ مِنْهُ فَلْقَةٌ، فَأَصَابَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ يَزِيدَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ لا يُسَمَّى بِالْخِلافَةِ، بَلِ الأَمْرُ شُورَى1.

زَادَتْ أمُّ بَكْرٍ: كُنْتُ أَرَى الْعِظَامَ تُنْزَعُ مِنْ صَفْحَتِهِ، وَمَا مَكَثَ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ. فَذَكَرْتُهُ لِشُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ لِي الْمِسْوَرُ: هَاتِ دِرْعِي، فَلَبِسَهَا، وَأَبِي أَنْ يَلْبَسَ الْمِغْفَرَ، قَالَ: وَتُقْبِلُ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ، فَيَضْرِبُ الأَوَّلُ الرُّكْنَ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ فَخَرَقَ الْكَعْبَةَ حَتَّى تَغَيَّبَ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الثَّانِي فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ الثَّالِثُ فِينَا، وَتَكَسَّرَ مِنْهُ كَسْرَةٌ، فَضَرَبَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَصُدْغَهُ الأَيْسَرِ، فَهَشَّمَتْهُ هَشْمًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلْتُهُ أَنَا وَمَوْلًى لَهُ، وَجَاءَ الْخَبَرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ يَعْدُو، فَكَانَ فِيمَنْ حَمَلَهُ، وَأَدْرَكَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبيدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَمَكَثَ يَوْمَهُ لا يَتَكَلَّمُ، فَأَفَاقَ مِنَ اللَّيْلِ، وَعَهِدَ بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، وَجَعَلَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ هَؤُلاءِ؟ فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ قُتِلْنَا، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُفَارِقُهُ بِمَرَضِهِ حَتَّى مَاتَ، فَوَلِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ غُسْلَهُ، وَحَمَلَهُ فِيمَنْ حَمَلَهُ إِلَى الْحَجُونِ، وَإِنَّا لَنَطِأَ، بِهِ الْقَتْلَى وَنَمْشِي بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ، فَصَلَّوْا مَعَنَا عَلَيْهِ2.

قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا يَوْمَئِذٍ بِمَوْتِ يَزِيدَ، وَكَلَّمَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فِي أَنْ يُبَايِعَهُ بِالْخِلافَةِ، وَبَطُلَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ.

وَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ قَالَتْ: وُلِدَ الْمِسْوَرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ لِهِلَالِ رَبِيعِ الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.

وَقَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِنْ حَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ، فَوَهِمَ أَيْضًا، اشْتُبِهَ عَلَيْهِ بِالْحِصَارِ الأَخِيرِ. وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: يَحْيَى بن بكير، وأبو عبيد، والفلاس، وغيرهم.

102- المسيب بن نجبة -ت- بْنِ رَبِيعَةَ الْفَزَارِيُّ3 صَاحِبُ عَلِيٍّ. سَمِعَ: عَلِيًّا، وابنه الحسن، وحذيفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015