وَكَانَ كَاتِبُ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَوَلَّى إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ وَالْمَوْسِمِ لِمُعَاوِيَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَةِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي الْمَصَافِّ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَعَلَى الشَّامِ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْحِجَازِ كُلِّهِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِمَرْوَانَ ثَمَانِ سِنِينَ، وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا1.
وَأُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيَّةُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ الْحَكَمُ فِي الْفَتْحِ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَطَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ المدينة، ومات زمن عُثْمَانَ؛ لِأَنَّهُ زَوَّرَ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا فِي شَأْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: كَانَ مَرْوَانُ قَصِيرًا، أَحْمَرَ الْوَجْهِ، أَوْقَصَ الْعُنُقِ، كَبِيرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ "خَيْطَ بَاطِلٍ" لِدِقَّةِ عُنُقِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ: كَانَ عَلِيٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْهُ! قَالَ: تَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ2.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: بَعَثَنِي زِيَادُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَوَائِجَ، فَقُلْتُ: مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَسَمَّى جَمَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ فِي حُدُودِ الله: مَرْوَانُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُقَالُ: كَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ قَضَاءٌ، وَكَانَ يَتْبِعُ قَضَاءَ عُمَرَ.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ ابْنَهَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ تَسْتَفْتِي، فَجَاءَتِ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لا أَعْلَمُ فِي النَّذْرِ إِلا الْوَفَاءَ، قَالَتْ: أَفَأَنْحَرُ ابْنِي؟ قَالَ: قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فقال: أمر الله الوفاء بالنذر، وَنَهَاكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِنْ تَوَافَى لَهُ عَشَرَةُ رَهْطٍ أَنْ يَنْحَرَ أَحَدَهُمْ، فَلَمَّا تَوَافَوْا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَهُوَ أَوْ مِائَةٌ مِنَ الإبل، ثم أقرع ثانية بين