وقد مر أنه قَاتَلَ الْحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَشَهِدَ دُومَةَ الْجَنْدَلِ مَعَ أَبِيهِ.
وَقَالَ بُكَيْرِ بْنُ مِسْمَارٍ: سمعت عامر بن يَقُولُ: كَانَ سَعْدُ فِي إبِلِهِ أَوْ غَنَمِهِ، فَأَتَاهُ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا لاحَ قَالَ: أَعُوذُ بالله من شر هذا الراكب، فلما اتنهى إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَتِ أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي إِبلِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ! فَضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْخَفِيَّ الْغَنِيَّ" 1.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَالِمٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لِلْحُسَيْنِ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ السُّفَهَاءِ يَزْعُمُونَ إِنِّي قَاتِلُكَ، قَالَ: لَيْسُوا بِسُفَهَاءَ وَلَكِنَّهُمْ حُلَمَاءُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَقَرُّ عَيْنِي أَنَّكَ لا تَأْكُلُ بُرَّ الْعِرَاقِ بَعْدِي إِلا قَلِيلا2.
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا قُمْتَ مَقَامًا تُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَتَخْتَارُ النَّارَ.
وَيُرْوَى عن عقبة بن سمعان قال: كان اللَّهِ قَدْ جَهَّزَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ لِقِتَالِ الدَّيْلَمِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ عَلَى الرَّيِّ، فَلَمَّا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ طَالِبًا لِلْكُوفَةِ دَعَا عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرًا وَقَالَ: سِرْ إِلَى الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنْ تُعْفِينِي، قَالَ: فَرُدَّ إِلَيْنَا عَهْدَنَا، قَالَ: فَأَمْهِلْنِي الْيَوْمَ أَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَانْصَرَفَ يَسْتَشِيرُ أَصْحَابَهُ، فَنَهَوْهُ3.
وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ -وَلَيْسَ بِثِقَةٍ لَكِنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِالأَخْبَارِ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، وَالصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا مِرَارًا -الْحُسَيْنَ، وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ- قَالَ: فَكَتَبَ عُمَرُ إلى عبيد الله: أما بعد، فإن بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْفَأَ الثَّائِرَةَ، وَجَمَعَ الْكَلِمَةَ، وَأَصْلَحَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَهَذَا حُسَيْنٌ قَدْ أَعْطَانِي أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ أَتَى، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدِهِ، أَوْ أَنْ يَسِيرَ إِلَى ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَيَكُونُ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَهُ مَا لَهْمُ وَعَلَيْهِ، وَفِي هَذَا لَكُمْ رِضًا، وَلِلأُمَّةِ صَلاحٌ.
فَلَمَّا قَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْكِتَابَ قَالَ: هَذَا كِتَابُ نَاصِحٌ لِأَمِيرِهِ، مُشْفِقٌ عَلَى قَوْمِهِ، نَعَمْ قَدْ قَبِلْتُ، فَقَامَ إِلَيْهِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فَقَالَ: أَتَقْبَلُ هَذَا منه وقد نزل بأرضك وإلى