قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَى نَحْوَهُ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ نَضْلَةَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ثنا الْمُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، أنا حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غُزَاةٍ إِلَى كَابِلَ، وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتْمَةِ، فَقُلْتُ: لأَرْمِقَنَّ عَمَلَهُ، فَصَلَّى، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ، ثُمَّ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْضَةً، فَدَخَلْتُ فِي أَثَرِهِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَافْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَصَعِدْتُ فِي شَجَرَةٍ قَالَ: أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ إِلَيْهِ أَوِ اعْتَدَّ بِهِ حَتَّى سَجَدَ؟ فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلا شَيْءَ، فَجَلَسَ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّهَا السَّبْعُ، اطْلُبْ رِزْقَكَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ لَزَئِيرًا، أَقُولُ: تصدع منه الجبال، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا، إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ أَوْ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ رجع، فأصبح كأنه بات على الحشايا، وَقَدْ أَصْبَحْتُ وَبِي مِنَ الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ به عليم1.
روى نحوها أبو النعيم فِي الْحِلْيَةِ بِإِسْنَادٍ لَهُ، إِلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ هِلالٍ الْبَاهِلِيُّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ، إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيتُ شَهَادَةً، وَأُعْطِيتَ شَهَادَتَيْنِ، فَقَالَ: تُسْتَشْهَدُ، وَأُسْتَشْهَدُ أَنَا وَابْنِي، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ لَقِيَهُمُ التُّرْكُ بسِجِسْتَانَ، فَكَانَ أَوَّلُ جَيْشٍ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ تُرِيدُ الْخَيْرَ لِنَفْسِكَ وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ! ارْجِعْ أنت، قال: وأما إذا قلت هذا فتقدم فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى أُصِيبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ، وَكَانَ رَجُلا رَامِيًا، حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى أَقَامَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ2.
قُلْتُ: وَذَلِكَ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وستين.