لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أدْنَى قَرَابَةً ... مِنَ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ الْوَغْلُ
سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَى ... وَبِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لَهَا نَسْلُ
قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أبى الْحُسَيْنُ أَنْ يُسْتَأْسَرَ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ، وَقُتِلَ ابْنَهُ وَأَصْحَابُهُ بِالطَّفِّ، وَانْطَلَقَ بِبَنِيهِ: عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَسُكَيْنَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَجَعَلَ سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ، لِئَلَّا تَرَى رَأْسَ أَبِيهَا، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي غِلٍّ، فَضَرَبَ يَزِيدُ عَلَى ثَنِيَّتَيِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ الله عنه- وقال:
فلق هَامًا مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا
فَقَالَ عَلِيٌّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} فَثَقُلَ عَلَى يَزِيدَ أَنْ تَمَثَّلَ بِبَيْتٍ، وَتَلَا عَلِيٌّ آيَةً فَقَالَ: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ رَآنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَغْلُوبِينَ، لَأَحَبَّ أَنْ يَحِلَّنَا مِنَ الْغُلِّ، قَالَ: صَدَقْتَ، حُلُّوهُمْ، قَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بُعْدٍ لَأَحَبُّ أَنْ يُقَرِّبَنَا، قَالَ: صَدَقْتَ، قَرُّبُوهُمْ، فَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ وَسُكَيْنَةُ يَتَطَاوَلَانَ لِيَرِيَا رَأْسَ أَبِيهِمَا، وَجَعَلَ يَزِيدَ يَتَطَاوَلَ فِي مَجْلِسِهِ، فَيَسْتُرُهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ أمَرَ بِهِمْ فَجُهِّزُوا، وَأَصْلَحَ آلَتَهُمْ وَأُخْرِجُوا إِلَى الْمَدِينَةِ1.
كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا أُتيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ جَعَلَ يَنْكُتُ بِمَخْصَرَةٍ مَعَهُ سِنَّهُ وَيَقُولُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ، وَإِذَا لِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ قَدْ نُصِلَ مِنَ الْخِضَابِ الْأَسْوَدِ2.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَالْمَدِينِيِّ، عَنْ رِجَالِهِمَا، أن مُحَفَّزَ بْنَ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيَّ، عَائِذَةُ قُرَيْشٍ، قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ فَقَالَ: أتيتك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَأْسِ أَحْمَقِ النَّاسِ وَأَلْأَمِهُمْ، قَالَ يَزِيدُ: مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُحَفِّزٍ أَحْمَقَ وَأَلْأَمَ، لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] ، الآية.
ثم بعث يزيد برأس الحسين على عامله على المدينة، فقال: وددت أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ