موت الحافظ لدين الله وخلافة الظاهر بمصر:
وأمّا مصر، فمات بها الحافظ لدين اللَّه عبد المجيد العُبيدي، وأقيم بعده ابنه الظّافر إسماعيل.
ووَزَرَ لَهُ أمير الجيوش ابن مصال المغربيّ، فأحسن السّيرة والسّياسة. ثمّ اضطّربت الأمور واختلفت العساكر، بحيث قُتل خلقٌ منهم1.
محبَّة الدمشقيّين نور الدين:
وأمّا أعمال دمشق كَحْوران، وغيرها، فعبث بها الفرنج، وأجدبت الأرض، ونزح الفلّاحون، فجاء نور الدّين بجيشه إلى بَعْلَبَكّ ليوقع بالفرنج، ففتح اللَّه بنزول غيثٍ عظيم، فعظُم الدعاء لنور الدين، وأحبه أهل دمشق وقالوا: هذا ببركته وحُسن سيرته2.
مصالحة نور الدين ومجير الدين:
ثمّ نزل عَلَى جسر الخشب في آخر سنة أربع، وراسل مُجير الدّين، والرئيس يَقُولُ: إنّني ما قصدتُ بنزولي هنا طلبًا لمحاربتكم، وإنّما دعاني كثرة شكاية أهل حَوْران والعُربان. أخذت أموالهم وأولادهم، ولا ينصرهم أحد فلا يَسَعني مَعَ القُدرة عَلَى نُصرتهم القعودُ عَنْهُمْ، مَعَ عِلْمٍ بعجزكم عَنْ حِفْظ أعمالكم والذّبّ عَنْهَا، والتّقصير الّذي دعاكم إلى الاستصراخ بالإفرنج عَلَى محاربتي، وبذلكم لهم أموالَ الضعفاء من الرَعيَّة ظُلْمًا وتعديًا. ولابد من المعونة بألف فارس يجرَّد مَعَ مقدَّمٍ لتخليص ثغر عسقلان وغيره.
فكان الجواب: لَيْسَ بيننا وبينك إلّا السّيف. فكثر تعجُّب نور الدّين، وأنكر هذا، وعزم عَلَى الزَّحْف إلى البلد، فجاءت أمطارٌ عظيمة منعته من ذَلكَ3.
ثمّ تقرَّر الصُّلْح في أوّل سنة خمسٍ وأربعين، فإنّ نور الدّين أشفق من سفْك