فعرف زنكيّ بذلك، فأشار على الراشد أن يرحل صُحْبته.
وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلًا وسار، وزنكيّ قائم ينتظره، فدخل دار برتقش. ولم ينم النّاس، وأصبحوا على خوفٍ شديد. وخرج أبو الكرم الوالي يطلب الخليفة فأُسر وحُمِل إلى مسعود، فأطلقه وأكرمه، وسلَّم إليه بغداد.
ورحل الراشد يومئذٍ ولم يصحبه شيء من آلة السفر، لأنه لما بات في دار برتقش أصبحوا، ودخل خواصه يصلحون له آله السَّفر، فرحل على غفلة1.
دخول مسعود بغداد:
ودخل مسعود بغداد، ونهب دوابَّ الْجُنْد، وجاء صافي الخادم فقال: لم يفعل الخليفة صوابًا بذهابه، والسّلطان له على نيَّة صالحة. وسكن النّاس.
وأظهروا العدل، واجتمع القُضاة والكبار عند السّلطان مسعود، وقدحوا في الراشد، وبالغ في ذلك الوزير عليّ بن طِراد2.
وقيل: بل أخرج السلطان خط الراشد: "إني متى جَنَّدْت أو خرجت انعزلت".
فشهد العُدول أنّ هذا خطّ الخليفة3. والقول الأوّل أظهر.
كتابة محضر بحقّ الراشد:
ثمّ أحكم ابن طِراد النّوبة، واجتمع بكلٍ من القُضاة والفُقهاء، وخوّفهم وهدّدهم إن لم يخلعوه. وكتب محضرًا فيه: إنّ أبا جعفر بن المسترشد بدا منه سوء أفعال وسفْك دماء، وفعل ما لَا يجوز أن يكون معه إمامًا.
وشهد بذلك الهَيْتِيّ، وابن البيضاوي، ونقيب الطّالبيّين، وابن الرّزّاز، وابن شافع، ورَوْح بن الحُدَيْثيّ، وأُخر.
وقالوا: إنّ ابن البيضاويّ شهد مُكْرَهًا.
وحكم ابن الكرْخيّ قاضي البلد. بخلْعه في سادس عشر ذي القعدة، وأحضروا